تعطيل المحاكم ونسف مبدأ فصل السلطات.. نزاعات حوثية صامتة على كرسي القضاء البدائي

تقارير - Wednesday 14 September 2022 الساعة 08:16 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

على نار هادئة تحتدم خلافات مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- على الاستئثار بالسلطة القضائية في صنعاء بين فريق الحوثي محمد علي الطارئ على السلطة المنهوبة، ومن كانوا يعرفون عقب ثورة 26 سبتمبر 1962م بالهاشميين في جهاز القضاء، فيما يلتزم فريق ثالث الصمت وانتظار الغلبة، وفريق رابع آثر البقاء في المنزل أو مغادرة البلاد.

يتجه محمد علي الحوثي والرزامي لتعطيل القضاء كمؤسسة رسمية محكومة بالقوانين والأنظمة واللوائح، والقيادات الإدارية المؤهلة علمياً وإدارياً وفنياً، واستبدالها بأنماط تقاضٍ بدائية تقوم على استبدادية ورغبات الفرد المنتمي لاضيق دائرة عنصرية في الجماعة الموهومة بحقها في امتلاك مصير الناس وحقوق الرعية واستثمار نزاعاتهم المفتعلة عنوة في مناطق سيطرتها.

من على منصة (تويتر) يطل محمد علي الحوثي متمنطقاً بحزام الخنجر اليمني (الجنبية)، ذات الميلان إلى جهة اليسار، فيما يعتبر دلالة لأحقية الحوثي بممارسة وظيفة القضاء، استنادا لثقافة شعبية بائدة، كانت قد تلاشت بفعل مخرجات سنوات الثورة والجمهورية لـ60 سنة ماضية.

يوجه الحوثي من يصفهم بـ(الثوار الأحرار من علماء وشخصيات اعتبارية وقبلية، محافظين ومأموري الضبط القضائي) بممارسة مهام القضاء وفق رؤيته هو عبر الانخراط فيما يسميها لجانا مؤقتة لحل الخلافات والنظر في قضايا النزاعات، في توقيت اعتبر تهديداً ضمنياً بالاستغناء جماعياً عن اعضاء نادي القضاة المضربين عن العمل تنديداً بتصفية القاضي محمد حمران وتناولات قناة (الهوية الحوثية) الإعلامية تجاه القضاء والسلطة القضائية.

الحوثي يفعل ذلك علنا، متحكما بما اسميت منظومته العدلية، جامعاً بذلك بين السلطة القضائية والتنفيذية (الأمن والداخلية) في نسف تام لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، ومستحوذا عبر لجانه المتتالية لمسمى الشكاوى الافتراضية على أكبر قدر من المعلومات والبيانات فيما له صلة بخلافات الأراضي تحديدا، ومسجوني قضايا القتل العمد والخطأ، والنزاعات القبلية، وخلافات الميراث داخل الأسرة الواحدة.

بموازاة ذلك، وفي سياق متكامل، يتجه القيادي الحوثي أبو يحيى الرزامي لممارسة مهام قاضي محكمة والنائب العام، والأمن، وذلك بممارسة مهام ضبط  متنازعين في قضايا جنائية جسيمة بينها قضايا خلافات أراضي وقضايا قتل وحرابة، بطرق أكثر بدائية تستنفد حقوق المتنازعين واوقاتهم واموالهم، وحسب مصادر محلية متطابقة في صنعاء تحدثت إلى (نيوزيمن) فإن الرزامي يجبر متنازعي الأراضي على تحكيمه تحكيما مطلقا وتسليم كافة مستنداتهم بالإضافة إلى مبالع مالية باهظة.

الاعلام الحوثي الفضائي تحديدا يشن حملة تهكم وتحريض ضد القضاء، مستهدفا بدرجة أولى ضرب استقلالية وهيبة القضاء في الذهنية الشعبية والرأي العام، وانتزاع ثقة جمهور المتنازعين في السلطة القضائية، مستغلا قضايا مشوبة بالفساد والتطويل والاهمال والرشوة في سياق متعمد (قديم) لضرب النظام السابق و(جديد) لتصفية وإبعاد خصوم مفترضين وبمعنى أدق منازعي سلطة ممنوحة بمزاعم التمكين وخرافة الولاية.

وحسب المادة (149) من دستور الجمهورية اليمنية، فإن القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتؤكد المادة الدستورية أحقية المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم، "والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة"، معتبرة مثل هذا التدخل "جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعـوى فيهـا بالتقـادم".