تدمير التعليم.. حروب حوثية أخرى لإحياء مشروع الإمامة

تقارير - Tuesday 06 September 2022 الساعة 09:44 am
صنعاء، نيوزيمن، محمد يحيى:

بعد عودة الصريع حسين الحوثي في العام 2000 من جنوب لبنان، حيث درس الفكر الشيعي الاثني عشري هناك، إضافة إلى دراسات سياسية في الثورة الخمينية الطائفية، بدأت فكرة تأسيس "الحوثية" كجماعة طائفية في المعقل الرئيس للحوثي بمحافظة صعدة.

أدرك الحوثي بأن التعليم سيكون العائق أمام تحقيق طموح جماعته وانتشارها، فبدأ بتأسيس معهد خاص به عام 2002، بعد حصوله على دعم من السفارتين القطرية والإيرانية بصنعاء، وتمكن من استقطاب الطلاب إلى معهده الذي تبنى فيه مواد دراسية طائفية ومناهج أيديولوجية متطرفة.

وسعى الهالك حسين الحوثي من خلال معهده إلى التحشيد السياسي، وانصب اهتمامه في خلق ولاء طلابه، كما كرس محاضراته التي صارت لاحقا من الأدبيات الأساسية لجماعته، للترويج للفكر الشيعي الاثني عشري، متبنيا آراء مستلهمة من خطاب الثورة الخمينية، مثل محور المقاومة ضد قوى الاستكبار، والترويج لنظرية ولاية الفقيه الخمينية التي تناقض المذهب الزيدي، كما ركز على فكرة القائد العلم وربطها بالقرآن، ما جعل أتباعه يرون فيه شخصية مقدسة تجسد القرآن.

وخلال سنوات قليلة تخرج من معهد الحوثي مئات الطلاب الموالين له والمؤمنين بأفكاره، وهو ما سهل تحويلهم لاحقا لجنودٍ في حروب ومعارك الجماعة التي أسسها الهالك، حيث جندهم في حربه ضد الدولة في 2004، كما جندهم عبدالملك الحوثي الذي تولى قيادة الجماعة بعد مصرع أخيه حسين، في الخمس الحروب الأخرى ضد الدولة، وفي الحرب التي خاضتها الجماعة مطلع العام 2012، ضد قبائل حجور الشام بمحافظة حجة، ومن ثم حربها على منطقة دماج بمحافظة صعدة خلال العام 2013، ثم ازدادت بوتيرة أكبر بعد سيطرة الجماعة على السلطة في اليمن، واتساع المعارك في عدد من الجبهات.

وبعد الانقلاب الحوثي على السلطة في خريف 2014، سعت الجماعة الموالية لإيران للسيطرة على قطاع التعليم والمؤسسات التعليمية، وعينت يحيى الحوثي وزيرا للتعليم في حكومتها غير المعترف بها دوليا، ليكون أداتها للاستقطاب وتحشيد الطلاب من خلال استهداف عقولهم وتفخيخها بالأفكار الحوثية الطائفية؛ لتخريج أجيال معبأة طائفياً، تقاتل من أجل عودة مشروع الإمامة، متأثرًا بأداة التعبئة الطائفية.

وغَيَّر الحوثيون المناهج الدراسية، وأجروا تحريفات على المواد تكرس لفكرة الاستحقاق الإمامي للحكم في اليمن. وتعزيز الحق الإلهي للسلالة الإمامية بالأحقية بالثروة، ووجوب التبعية والتسليم لأمر قياداتها ورموزها، وفرضوا الصرخة الخمينية في الطابور المدرسي، بالإضافة إلى إقامة الاحتفالات والأنشطة ذات الطابع الطائفي في المدارس والجامعات، كما عملوا على تشويه الرموز الوطنية والذاكرة اليمنية، بهدف إعادة صياغة الذاكرة الوطنية لأجيال بأكملها، وتخريج أجيال متطرفة يتجاوز خطرها اليمن إلى المنطقة بأكملها، من خلال تثبيت وعي عقائدي يرسخ النفوذ الإيراني في اليمن ويكرس نهجها وافكارها الطائفية.

ويواجه أكثر من ثلاثة ملايين طالب في المدارس الواقعة تحت سلطة مليشيا ذراع إيران، خطر التحريف والفكر المتطرف، بفعل التغيير لمناهج التعليم الذي تقوم به المليشيا ضمن مساعيها لتخريج أجيال ملغمة بالأفكار الطائفية بما يضمن الأهداف البعيدة للحوثي، ويؤطر للوجود العقائدي للمشروع الإيراني في اليمن.

ووفقاً لنتائج دراسة لمضامين المنهج الدراسي نفذتها نقابة المعلمين اليمنيين فإن مليشيا الحوثي تتعامل مع التعليم بموجهات سياسية وبهدف توظيفه لأغراض عسكرية، وجعلت نصوص المنهج الدراسي تخدم بالدرجة الأولى أجندتها من خلال تغيير وقائع التاريخ وتزييفه، وتسييس الرواية التاريخية، وتأويل الآيات والأحاديث النبوية وبما يخدم أفكار الحوثي، وإضفاء القداسة الدينية على سلالته، في محاولة للسيطرة على عقول الطلبة عبر تثبيت تلك المفاهيم التي يعتنقها الحوثيون.

وكانت منظمة "إمباكت - إس اي" الأمريكية المتخصصة في مراقبة المناهج التعليمية والكتب المدرسية في جميع أنحاء العالم، والتي ترصد قيم السلام والتسامح قالت في تقرير لها: إنّ مليشيا الحوثي حولت التعليم إلى أداة نشر القيم والثقافة الإيرانية، وأنّ إيران متغلغلة من خلال الحوثيين في مراكز التعليم الابتدائي ومعاهد التعليم العالي في اليمن، مشيرة إلى أن المئات من الطلاب الحوثيين يدرسون حالياً في إيران.