سؤال عن الـ"لا موقف" الأممي وآخر عن "موقف" الشرعية من تمزيق اتفاق موانئ الحديدة واستهداف ميناء المخا؟

تقارير - Tuesday 14 September 2021 الساعة 06:58 pm
نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي

أربعة أيام على استهداف مليشيات الحوثي بالصواريخ والطائرات المسيرة، السبت 11 سبتمبر/ أيلول، لميناء المخا التجاري، على البحر الأحمر بالساحل الغربي لليمن، ولم يصدر أي موقف أو تعليق بواسطة الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص والمنسق الإنساني وبعثة أونمها الأممية أو أي وكالة أممية.

الجريمة المدوية جاءت بعد ساعات على انعقاد مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن وتقديم المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ بيانه الأول إلى الأعضاء بشأن تصوراته والخطوات التي سيبدأ بها في مهمته، وشدد خصوصاً على قضية الموانئ، وذكر بالاسم ميناء الحديدة وتدفق السلع والمساعدات. 

دعا بيان تظاهرة الغضب الشعبي في المخا، الاثنين 13 سبتمبر/ أيلول، الأمم المتحدة، إلى مواجهة مجرمي الحرب الحوثيين ومحاسبتهم على جرائمهم الإرهابية. وطالبت بيانات المنظمات والفعاليات المدنية والشعبية والسلطة المحلية وإدارة الميناء الأمم المتحدة إلى أخذ موقف صريح وحازم من الجرائم الإرهابية التي تستهدف الميناء التجاري التاريخي وتدفق السلع والإغاثات.

تزامناً كانت قيادات حوثية وسلطات المليشيات الانقلابية تعقد تحركات في مينائي الصليف ورأس عيسى، وتتحدث عن تكثيف الأنشطة في المينائين- الخاضعين لإجراءات والتزامات اتفاق ستوكهولم المفترضة.

تمزيق اتفاق الموانئ - سؤال للشرعية؟

تلزم الإشارة إلى تحركات حثيثة تبذلها ميدانياً مليشيات الحوثي في منطقة شاسعة شمالي الحديدة بصدد استحداثات باسم "ميناء نفطي" وأخرى عسكرية، وشملت تهجير سكان قرى بكاملها ومصادرة المنطقة، بعلم البعثة التي تلزم الصمت إزاء انتهاكات واختراقات خطيرة تحيل ستوكهولم إلى رماد والبعثة إلى بطالة رمزية في أحسن الأحوال أو أسوأها معاً.

والسؤال، بالمناسبة وعلى عجالة، للشرعية: هل تتذكرون الحديدة واتفاق إخلاء المدينة والموانئ من الانقلابيين ومليشيات المد والنفوذ الإيراني؟ وإذا كانت التحركات المكثفة ميدانياً من قبل المليشيات تقابلها امتيازات مضاعفة لفتح الميناء وحركة النقل وبالنظر إلى التصرف أيضاً بمينائي الصليف ورأس عيسى، فهل هذا يعني رسمياً أو رمزياً تمزيق اتفاق الموانئ - ستوكهولم والإقرار بسلطة الأمر الواقع؟

استحداثات حوثية بحرية

تقول مصادر محلية وراصدون، إن مئات الأسر تم تهجيرها بالفعل وصودرت قرى على مساحات مهمة بمحاذاة الساحل الشمالي للحديدة، وفيما بين الميناء الرئيس بالحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى، والعمليات والتحركات النشطة على قدم وساق، ومؤخراً أعطى قيادي حوثي إشارات وافية نحو امتيازات جديدة واستحداثات قيد الإضافة والتجهيزات، الأمر لا يعني سوى أن المليشيات باتت أكثر استرخاءً واطمئناناً إلى مكاسب وحصانة تكرست تباعاً يوفرها ستوكهولم وبعثة أممية معطلة في قبضة يد الحوثيين للعام الرابع توالياً.

ومع كل هذا وذاك، فإن المليشيات التي تفرض سيطرتها ونفوذها على موانئ الحديدة الثلاثة وعلى المدينة، رغماً من اتفاق ستوكهولم، كانت توجه صواريخ باليستية وطائرات درون ملغومة لضرب منشآت ورصيف ومستودعات ميناء المخا الذي يستأنف عمله للتو لاستقبال المساعدات والإغاثات الإنسانية خاصة المنظمات العاملة في الساحل الغربي إضافة إلى البضائع والسلع التجارية وتعرضت جميعها للتدمير والإحراق علاوة على تضرر البنية التحتية للميناء المدني والتجاري.    

سؤال عن الـ"لا موقف" الأممي

لا شك أن الأخبار التي ملأت الشبكات والمحطات وصلت مكتب المبعوث الأممي الخاص وسكرتاريته الإعلامية، كما هو الحال مع مكتب المنسق الأممي الإنساني في اليمن والذي تكررت زياراته ولقاءاته مؤخراً في ميناء المخا وتدشينه، بالإضافة إلى بعثة أونمها ورئيسها في الحديدة.

إلا أن غياب أي موقف من الأمم المتحدة وممثليها بشأن حادث عنيف وجريمة وحشية بهذا الحجم، هو بحد ذاته موقف كامل ومؤسف للغاية. ويزيد السوء باعتبار استباق الهجوم من قبل المليشيات الانقلابية بالتسويق لضرب الميناء على لسان المسؤول الأممي ذاته - رئيس بعثة أونمها الأممية في الحديدة دون أن يصدر أي تعليق وتوضيح من البعثة إذا لم تكن تعتزم الإنكار والتبرؤ من الاتهامات الخطيرة التي ألصقت بها في وسائل إعلام الحوثيين وعلى لسان ممثليهم في فريق السيد جوها لإعادة الانتشار.

يكرس هذا التجاهل والموقف السلبي التصورات السالبة تجاه جدية وجدوى الهيئات والآليات الأممية في الحرب والأزمة الإنسانية في اليمن، ويتعلق الأمر أكثر بالرسالة السلبية التي يبعثها المبعوث الجديد ومكتبه من خلال المرور على الحادثة وكف التعليق والموقف منها.

خلال الشهر الماضي كنا نسأل حول غياب وصمت السيد غروندبرغ رغم تعيينه رسمياً، وهو استجاب لاحقاً بإعلان مقتضب من أنه سيتسلم رسمياً في 5 أيلول/ سبتمبر. وقد فعل، وذهب إلى نيويورك وتحدث وتباحث مع أعضاء مجلس الأمن الدولي وكشف مرئياته للعمل الذي بدأه، ما هو العذر الآن؟