متاحف عدن العريقة.. حضارة مهدَّدة بالاندثار
الجنوب - Tuesday 21 May 2024 الساعة 09:11 amتعد العاصمة عدن من المدن التي تتمتع بتاريخ ثقافي غني وحضاري عريق. ومن أبرز رموز هذه الحضارة توجد متاحف عدن، التي تعكس تاريخ المدينة وثقافتها العريقة. ومع ذلك، تواجه هذه المتاحف تحديات جسيمة تهدد وجودها وباقة التراث الثقافي الذي تحتضنه.
تسعى متاحف عدن للحفاظ على تاريخ المدينة وتراثها، حيث تحتوي على مجموعة ثمينة من القطع الأثرية والتحف التي تعود لعصور مختلفة. ومن بين هذه المتاحف يبرز متحف عدن في صهاريج عدن، الذي يُعتبر أحد أقدم المتاحف في الجزيرة العربية، تأسس في العام 1930. إلا أنه، على الرغم من قِدمه وأهميته، لم يسلم من أعمال النهب والتدمير التي شهدتها المدينة خلال الفترات المضطربة التي عاشتها.
في عام 1987، تم نقل محتويات متحف عدن إلى المتحف الوطني السلطان العبدلي وافتتح رسميًا في عام 1967. وقد اشتمل المتحف على تحف أثرية نادرة تم شراؤها من تاجر فارسي بواسطة الحكومة. تضم المجموعة الوطنية الواحات والتماثيل الرخامية والبرونزية وقطعاً أثرية تعود لعشيرة ملوك أوسان من القرن الـ15 قبل الميلاد.
وفي عام 1996، غادرت بعض المعروضات المتحف للمشاركة في معرض دولي في باريس واستمرت في جولتها بين الدول الأوروبية، ولم يعد منها سوى 21 قطعة فقط.
بالإضافة إلى ذلك، تأسس المتحف الحربي في عام 1918 كمدرسة للتعليم الابتدائي، وفي عام 1971 تحولت المدرسة إلى متحف مخصص للتراث العسكري اليمني.
يتألف المتحف من أربعة أجنحة، يحتوي كل جناح على عدة قاعات. تم ترميم وتجهيز المتحف في عام 1998 وفُتح مرة أخرى في عام 2001، وتم إعادة تأهيله في أكتوبر 2007. وفي عام 2007، قدر عدد الزوار بحوالي 17,000 زائر يمني و200 زائر أجنبي، وزاد العدد في عام 2009 إلى حوالي 27,800 زائر.
يضم المتحف الحربي مجموعة من الأسلحة القديمة وصور الثوار ومعروضات تاريخ اليمن العسكري ومراحل التطوير الحديث للقوات المسلحة اليمنية، بالإضافة إلى صور وأعمال يدوية صنعها الإنسان من الحجارة قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد.
ومع ذلك، تعاني متاحف عدن من تهديدات مستمرة بسبب الاضطرابات والنزاعات التي تشهدها المدينة. في أبريل 2009، تعرضت المتاحف لعملية نهب حيث تم سرقة 858 عملة ذهبية أكسومية و326 مسكوكة رومانية، بالإضافة إلى 12 مسكوكة نقدية أكسومية تمثل 7 ملوك.
وفي عام 2015، تعرض المتحف الحربي لسرقة من قبل مليشيا الحوثي، حيث تم نهب بعض الكتب والمخطوطات النادرة قبل انسحابهم من المتحف والمدينة.
تعكس هذه السرقات المستمرة وانعدام الأمان تهديدًا حقيقيًا للتراث الثقافي والتاريخي لمدينة عدن. يعتبر التراث الثقافي جزءًا هامًا من هوية المدينة وذاكرتها، وإذا استمرت أعمال النهب والتدمير، فإن هذه الحضارة الزاهية قد تواجه خطر الاندثار.
يتوجب على الحكومة والجهات المعنية اتخاذ إجراءات لحماية وتأمين هذه المتاحف الثمينة، والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي للعمل على استعادة وحماية القطع الثمينة التي تم نهبها، واعادة تأهيلها وافتتاحها مجددًا أمام الزوار.
باستعادة وحماية المتاحف والتراث الثقافي في عدن، يمكن للمدينة الاحتفاظ بجذورها التاريخية والثقافية والمساهمة في إثراء التراث العالمي. فالحفاظ على المتاحف هو حفاظ على هوية المدينة وذاكرتها، وضمان تمتع الأجيال القادمة بالاستفادة من هذا الثروة الثقافية.