ذريعة أمريكا المخزية في مجلس الأمن: الفيتو الثالث ضد وقف إبادة الفلسطينيين
العالم - Thursday 22 February 2024 الساعة 10:08 amللمرة الثالثة خلال الأشهر الثلاثة الماضية تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) لعرقلة إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً بوقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة.
هذه المرة قدمت مشروع القرار الجزائر، لكن سفيرة واشنطن في مجلس الأمن بدأت بالاعتراض على مشروع القرار قبل تقديمه بأيام. والثلاثاء 20 فبراير الجاري، استخدمت ممثلة الولايات المتحدة حق النقض ضد إصدار القرار، رغم موافقة 13 دولة من أصل الـ15 دولة التي تشكل قوام أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين.
اعترضت الولايات المتحدة على قرار وقف الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت، لكن التاريخ الذي لن ينسى هذا الموقف المخزي لأمريكا ومعها بريطانيا أيضا، لن ينسى كذلك أن الدول الـ13 التي طالبت بوقف جرائم إسرائيل في غزة هي: الجزائر، وسيراليون، وموزمبيق، واليابان، وكوريا الجنوبية، وسويسرا، وسلوفينيا، ومالطا، والإكوادور، وغويانا، ومن الدول دائمة العضوية في المجلس، الصين وروسيا وفرنسا.
الذريعة المخزية
أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترضت على وقف إبادة الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذريعتها في هذا الاعتراض مركّبة، حيث قالت سفيرة واشنطن في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد، أثناء جلسة التصويت، الثلاثاء، إن مشروع قرار وقف إطلاق النار الإنساني الذي تقدمت به الجزائر، "لن يحقق هدف السلام المستدام"، وأنه "يشكل خطرا على المفاوضات الجارية لإطلاق الرهائن" الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس منذ السابع من أكتوبر، وهم الرهائن الذي قتلت إسرائيل بعضهم بنفسها خلال اجتياحها البري لغزة! هكذا تبرر أمريكا دعمها لإسرائيل بلا خجل من الأخلاق الإنسانية وقيم المنطق والعقل، حيث تخشى على الرهائن الذين لن تمسهم حماس بسوء لاحتياجها إلى التفاوض، ولا تخشى على إزهاق المزيد من أرواح الفلسطينيين الأبرياء بعد أن تجاوز عدد الشهداء والمفقودين منهم 30 ألف شخص ثلثاهم من الأطفال والنساء!
لا يتوقف الخزي الأمريكي عند هذا الحد، فمندوبة واشنطن في مجلس الأمن، السيدة ليندا توماس غرينفيلد، كررت ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي في نفس اليوم الذي استخدمت فيه حث النقض. فالإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن، وبحسب تعبير كيربي، "لا تعتقد أن الوقت قد حان لوقف دائم لإطلاق النار في غزة"!
وإمعانا في تحدي الإرادة الدولية داخل مجلس الأمن، قالت غرينفيلد قبل أيام من جلسة التصويت، إنه يجب "أن يؤدي أي إجراء يتخذه (مجلس الأمن) في الأيام المقبلة إلى زيادة الضغط على حماس، لكي تقبل الاقتراح المطروح على الطاولة".
عقدة إدانة حماس
عقب الهجوم الذي قادته حركة حماس في السابع من أكتوبر على المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية، طالبت الإدارة الأمريكية جميع دول العالم بإدانة هجوم حماس، لكن الكثير من الدول لم تستجب لهذه المطالبة، واعتبرت أن هجوم حماس جاء نتيجة للسلوك الإسرائيلي العدواني المستمر ضد الفلسطينيين. أما الدول العربية، فقد حاول الرئيس جو بايدن نفسه الضغط عليها لإعلان إدانتها لهجوم حماس دون جدوى، بل سارعت الدول العربية إلى عقد لقاء قمة اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي وجودا استعماريا على الأراضي الفلسطينية.
ويبدو أن هذا الموقف بقي عالقا في الذهن السياسي الأمريكي، رغم العجز العربي عن إيقاف المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة على مدى الأربعة أشهر الماضية، وعجزه أيضا عن إجبار إسرائيل على السماح بإدخال جميع المساعدات الغذائية والدوائية إلى القطاع. وفي جلسة مجلس الأمن الذي استخدمت فيها واشنطن الفيتو الثالث، قالت غرينفيلد إنه "حان الوقت لكي يدين هذا المجلس حماس".
وبالرغم من أن العديد من المنظمات الحقوقية الدولية دحضت المزاعم الإسرائيلية بأن مقاتلي حماس ارتكبوا انتهاكات عنف جنسي على النساء الإسرائيليات في هجوم السابع من أكتوبر، لا تزال غرينفيلد تطالب مجلس الأمن بأن تشمل إدانته لحماس "العنف الجنسي" في ذلك اليوم.
مشروع قرار بديل
غرينفيلد قالت إن لدى الولايات المتحدة مشروع قرار بديلاً لمشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر، وبحسب الموقع الرسمي لبعثة الولايات المتحدة في مجلس الأمن على الإنترنت، يشمل مشروع القرار الأمريكي "وقف إطلاق نار مؤقت" لمدة تتراوح بين أسبوع إلى ستة أسابيع على أساس إطار اتفاق لإطلاق سراح جميع الرهائن. كما يشمل مشروع القرار الأمريكي إدانة حماس أيضا، وإبعادها عن أي مشروع مستقبلي في قطاع غزة.
وحتى مع أن مشروع القرار الأمريكي ينص على عدم الموافقة على اجتياح إسرائيل لمدينة رفح وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية ورفض تهجير سكان غزة قسريا، فهو لن يغطي الفضيحة المخزية التي أصرت الولايات المتحدة على ارتكابها للمرة الثالثة، ومن يعلم ماذا يأتي بعدها من مواقف أمريكية رسمية تعمق عزلة أمريكا عن الأخلاق الإنسانية وتربطها أكثر بالبراجماتية المتوحشة للرأسمالية.