حملات الشرعية ضد قرداحي.. ظاهرها دعم الخليج وباطنها لؤم إخواني وتغطية لفشل ميداني

تقارير - Saturday 30 October 2021 الساعة 09:51 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير:

باستثناء واقعية ووجاهة ردود الفعل الخليجية على تصريحات وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية جورج قرداحي والمرتبطة بشعورهم بأنها طعنة في الظهر ونكران لجميل احتضانهم له في وسائل إعلامهم التي صنعت منه ما هو عليه اليوم، فإن ردود الفعل والتصريحات الاستنكارية التي أطلقتها حكومة شرعية هادي والإخوان في اليمن تبدو مثيرة للعجب والضحك والسخرية في آن واحد.

ليس ثمة أحد ضد استنكار تصريحات قرداحي بشأن اليمن، لكن أن تتفرغ حكومة الشرعية بقضها وقضيضها، وتعلن مطابخ ذباب الإخوان المسلمين في اليمن الإليكترونية استنفارها لمهاجمة وانتقاد تصريحات قرداحي في مثل هكذا توقيت، لهو أمر يكشف حقائق الوضع المأساوي والبائيس الذي تعيشه الشرعية ومسؤولوها، ومن خلفهم قيادات الإخوان الذين يتحكمون بقرار الشرعية الرئاسي والحكومي.

حملات الاستنكار لقرداحي وتصريحاته تتزامن مع سقوط متوالٍ لمديريات ومناطق في محافظة مارب بيد المليشيات الحوثية وبشكل يكرر ذات الأسئلة المثيرة للريبة عن أسباب ومبررات هذا السقوط المستمر، إن لم يكن بالأصح عمليات التسليم المتعمدة التي تجري بين قيادات الإخوان ونظرائهم من مليشيات الحوثي منذ نهم والجوف وحتى البيضاء وصولا لمارب وشبوة.

شحذ همم الشرعية الإخوانية لشن حملات إعلامية كبيرة وقوية ضد تصريحات قرداحي وبغض النظر عن صحتها، إلا أنها  ليست سوى دليل جديد يكشف زيف المعركة التي يقودونها، ميدانيا وعسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، ضد مليشيات الحوثي، إلى الدرجة التي تجعل المتابع يسخر من هكذا وضع ويتساءل ماذا لو كان شحذ الهمم بهذه الطريقة، وتنفيذ حملات دبلوماسية مثلا لدى دول العالم وفي أوساط المؤسسات الدولية من قبل السفراء والدبلوماسيين والملحقين الذين عينتهم الشرعية خلال السنوات الست الماضية في كل مفاصل السفارات والبعثات والملحقيات الدبلوماسية، تستهدف كشف وتعرية مليشيات الحوثي وارتباطها وعمالتها لإيران وتنفيذها لأجندات طهران، وجرائم المليشيات وانتهاكاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية ضد أبناء الشعب اليمني، ألم يكن ذلك ليؤتي ثماره على الأقل في تكوين موقف دولي مناهض لهذه المليشيات.

لكن ما يحدث حقا هو أن الدبلوماسية اليمنية التي تديرها شرعية هادي والإخوان تعيش بياتا تاما سببه عوامل كثيرة، أهمها الفشل السياسي والدبلوماسي الذي يدير المعركة ضد مليشيات الحوثي، والعامل الآخر هو طبيعة الكوادر التي تشغل اليوم مناصب السلك الدبلوماسي اليمني في مختلف سفارات اليمن في دول العالم والتي تحولت من كوادر وقيادات دبلوماسية كفؤة ومؤهلة، إلى مسؤولين جلهم إن لم يكن كلهم، من أبناء وأقارب المسؤولين في الشرعية وعلى رأسهم أقارب أسرة هادي ورؤساء وأعضاء حكوماته المتعاقبة والقيادات العسكرية المنضوية في إطار الشرعية، وكلهم حولوا وزارة الخارجية إلى (كعكة) يتقاسمونها فيما بينهم بعيدا عن أية اعتبارات متعلقة بالمعركة التي يخوضها ويدعمها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد مليشيات الحوثي ويساند فيها شرعية هادي بكل ما أوتي من قوة وإمكانيات على مدى السنوات الست الماضية.

الشرعية والإخوان مشغولون بالرد على قرداحي وتصريحاته في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وفيس بوك وتيك توك) وهو شيء يجيدونه ويبرعون فيه ولا يمكن لأحد آخر أن يضاهيهم فيه، لكنها معركة لا هدف لها سوى ذر الرماد في العيون، لأنها جوفاء المضمون، ولئيمة الهدف، وابتزازية في أسلوبها، والأهم من ذلك أنها تكشف أن معارك هؤلاء في مواجهة مليشيات الحوثي لا تتعدى صفحات الشبكة العنكبوتية فقط.

هم يهاجمون قرداحي بمضامين بائسة وغير قادرة على تفنيد ادعاءاته ومزاعمه بواقعية سياسية، وأهدافهم من تلك الحملات لا تتعدى إظهار أنهم يخوضون معركة ضد مليشيات الحوثي فقط، فيما يستخدمون أساليب أقرب إلى الابتزاز منها إلى الموضوعية والمهنية خصوصا حين نجدهم يقرون ردودهم على تصريحاته بلوم الخليج الذي احتضن قرداحي وصنع منه إعلاميا معروفا ومشهورا، بل والتشفي بذلك الموقف الخليجي الأخوي النبيل والإنساني، وكأنهم يمهدون لاتخاذ موقف مماثل لمواقف قرداحي من الخليج ودعمه لهم ولشرعيتهم الإخوانية البائسة، لكن الأخطر من كل ذلك أن هذه الحملات ليست سوى استمرار لطريقة وأسلوب أداء الشرعية الإخوانية التي تدير معركة مواجهة مليشيات إيران الحوثي إعلاميا فقط، فيما تمنحها هدايا مجانية على الميدان بتسليمها مديريات ومناطق لم تكن حتى المليشيات الحوثية تحلم أنها تحقق فيها تلك الانتصارات وبتلك السهولة، وهو ما يعكس حقيقة أن شرعية الإخوان تستغل مثل هذه المواقف لحرف البوصلة عن المعركة الميدانية العسكرية الحقيقية التي تجري في عديد مناطق وبالذات في مارب وشبوة وتعز وميدي والضالع وغيرها، والتي تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن شرعية هادي بما تفعله عسكريا باتت تهدد أمن واستقرار السعودية والمنطقة بعد أن باتت تسلم للحوثي الجغرافيا على طبق من ذهب.


وانطلاقا من كل ما سبق يمكن القول، إن الأهداف الخفية التي تسعى شرعية الإخوان بقيادة هادي لتحقيقها هو ضمان استمرارها على رأس قيادة حكومة يمنية معترف بها دوليا بما يمنحها ذلك من مكاسب وعوائد مالية ضخمة داخلية وأخرى من دعم التحالف، وفي الوقت نفسه إيصال رسائل ابتزاز لئيمة بحق التحالف العربي وبالذات السعودية والإمارات لكي لا تتخلى عنها ودون مبرر سوى التماهي مع الأجندات الإقليمية الأخرى التي تستهدف الأمن القومي العربي، وهي الأجندة الإيرانية التركية الممزوجة بالأجندات الإخوانية للتنظيم الدولي السري المدعوم بدرجة رئيسة من قطر وتركيا وأيضا إيران كما هو الحال مع حركة حماس الفلسطينية الإخوانية.