غليان حقوقي وشعبي في تعز لكشف وفضح جرائم الإرهاب الإخوانية
السياسية - منذ ساعتان و 24 دقيقة
تشهد مدينة تعز هذه الأيام حالة غليان شعبي واسعة، على خلفية سلسلة الجرائم والانتهاكات التي تورطت فيها بعض قيادات الإخوان وقوات محور تعز العسكري، وطالت المئات من المدنيين العزل الذين راحوا ضحية هذه الإرهاب الجاثم على صدروهم.
انتفاضة حقوقية عارمة وغير مسبوقة جاءت بعد نشر العديد من النشطاء الحقوقيين قضايا قتل وسفك لدماء الكثيرين ممن سقطوا بعمليات قتل وحشية من قبل جنود وقيادات عسكرية تابعة لمحور تعز أو على يد عناصر مسلحة تعمل تحت غطاء بعض القيادات الإخوانية والحزبية في المدينة.
نشطاء التواصل في التحركات الشعبية عبروا عن استيائهم الشديد من حالة الإفلات من العقاب التي يعيشها المجرمون، مؤكدين أن الغضب الشعبي لم يعد يقتصر على الاحتجاجات التقليدية، بل أصبح دعوة حقيقية لمحاسبة كل من ثبت تورطه في هذه الجرائم. ويشير النشطاء إلى أن استمرار اختباء بعض العناصر المسلحة وراء قوة محور تعز العسكري، يزيد من الشعور بالإحباط والغضب لدى الأهالي، ويعكس حجم الانفلات الأمني والسياسي الذي تعيشه المحافظة منذ سنوات.
شهادات وقائمة طويلة من الضحايا
وفي منشورات حقوقية متلاحقة، وثّق ناشطون حالات القتل والتعذيب، وسردوا أسماء العشرات من الضحايا المدنيين الذين راحوا ضحية العمليات العسكرية الخارجة عن القانون، أو نتيجة انتهاكات قام بها عناصر مسلحة تتبع قيادات معينة في ألوية ومعسكرات تابعة لمحور تعز الإخواني. وقد أكد بعض الحقوقيين أن الانتفاضة الشعبية الحالية ليست مجرد احتجاج عابر، بل انعكاس لغليان جماهيري متصاعد ضد نهج الإفلات من العقاب، وسيطرة هذه الجماعات المسلحة على مفاصل الأمن والسياسة المحلية، وما يترتب على ذلك من فوضى وانتهاكات مستمرة.
ونشر الناشط الحقوقي عبدالحق سيف على صفحته في فيسبوك قائمة طويلة تضم أكثر من 200 مدني، تم توثيق عمليات قتلهم على يد جنود وقيادات عسكرية، إضافة إلى حالات اختفاء قسري وتعذيب ممنهج. وتضم القائمة أسماء ضحايا من مختلف مديريات المدينة، منهم أطفال ونساء وكبار السن، ما يعكس حجم الانتهاكات المستمرة وتعدد مصادرها داخل أروقة السلطة المحلية العسكرية.
ويشير الحقوقيون إلى أن هذه القائمة تمثل جزءًا من وثائق ومعلومات أكثر شمولاً لم يتم نشرها بعد، بهدف الضغط على السلطات المحلية والمجلس الرئاسي لتفعيل أجهزة التحقيق والعدالة، ومحاسبة المتورطين دون تأخير. كما أنها تأتي في سياق ثورة حقوقية انطلقت من تعز، تحمل رسالة واضحة بأن الشعب لن يظل صامتًا أمام انتهاك حقوقه، وأن هناك إرادة شعبية قوية لاستعادة الأمن وتطبيق القانون، ومحاسبة كل من استغل سلطته أو منصبه العسكري لارتكاب الجرائم ضد المدنيين.
وتعد هذه الوثائق والشهادات الحقوقية مؤشرًا على تصاعد الاحتقان الشعبي، وربما تمثل نقطة تحول في الموقف المجتمعي تجاه الفوضى الأمنية والسلطة العسكرية المسيطرة، ما يجعل من الضروري تدخل الجهات الرسمية والمجلس الرئاسي لإنهاء حالة الإفلات من العقاب وإعادة الثقة بين المواطنين والدولة.
استمرار التستر على المجرمين
ويطالب المجتمع المدني والناشطون الحقوقيون بسرعة ضبط المتورطين بالقتل والاغتيالات، من القيادات إلى العناصر الميدانية، وتقديمهم للعدالة، معتبرين أن استمرار التستر على هؤلاء المجرمين ليس مجرد إخفاق إداري، بل يساهم في تغذية حالة الانفلات الأمني ويعمّق الأزمة الاجتماعية والسياسية في المدينة. ويشير هؤلاء إلى أن عدم محاسبة المتورطين يشجع عناصر أخرى على ارتكاب المزيد من الجرائم دون خوف من العقاب، ما يكرّس ثقافة الإفلات من المسؤولية ويضعف الثقة بين المواطنين والسلطات.
وترى المصادر الحقوقية أن هذه الموجة من الغضب الشعبي تمثل اختبارًا حقيقيًا لسلطة الإخوان في تعز، التي تواجه اليوم مطالب جماهيرية حقيقية بضبط المجرمين وإيقاف مسلسل الانتهاكات المستمر بحق المدنيين، وإعادة دور مؤسسات الدولة لضمان حماية المواطنين وتنفيذ القانون. ويؤكد المحللون أن فشل السلطات في الاستجابة لهذه المطالب يهدد بإشعال توترات أكبر، خصوصًا في ظل شعور السكان بأن الأجهزة الأمنية والقضائية تتستر على مرتكبي الجرائم وتغض النظر عن التجاوزات.
وتضيف المصادر أن الضغط الشعبي الحالي ليس مجرد احتجاج عابر، بل هو انعكاس لغليان جماهيري تراكم عبر سنوات من الفساد والقتل والإفلات من العقاب، ويعد إشارة واضحة إلى أن المواطن في تعز لم يعد يحتمل سياسات التجاهل والتستر.
الوضع تغير
أوضح الصحفي عبدالرب الفتاحي أن الوضع في محافظة تعز لم يعد كما كان، محذرًا من خطورة استمرار سياسة الإفلات من العقاب وسيطرة بعض الجماعات المسلحة على مفاصل الأمن والسياسة المحلية. وقال الفتاحي: "هذا ما يجب أن تفكر فيه العصابة الحاكمة، سواء محافظ المحافظة نبيل شمسان أو قيادة الجيش المسيطر والأمن، فالناس فقدوا الثقة بالجميع، ولم يعد لديهم ما يؤمنون به أو يخسرونه".
وذكر أن المواطنين يشعرون أن السلطة القائمة، بما فيها المجلس الرئاسي والحكومة والقيادات العسكرية والأمنية والأحزاب، أصبحت جزءًا من الكارثة، مشيرًا إلى أنها ساهمت في تعزيز الفساد والقتل الذي تعانيه المحافظة. وقال: "الانفجار الشعبي قادم لا محالة، وثورة ونقمة لن ترحم أحداً".
وأضاف الفتاحي أن محاولات إخضاع الناس بالقوة لن تجدي، مشددًا على أن خروج المقهورين لن يوقفه الرصاص أو الرشاشات أو الأطقم العسكرية. وذكر: "تمامًا كما خرج الناس في تعز بقوة وشجاعة في عام 2011، سيخرجون هذه المرة لتحطيم واقع القتل والعصابات والنهب".
وختم الفتاحي حديثه بالقول: "إرادة من يريد الحرية والمساواة وإنهاء الظلم هي أقوى بكثير من كل أشكال الفساد والقتل، ولن تقف أمامها أي قوة كانت".
تشديد رئاسي لضبط الخلايا
أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، توجيهات مشددة إلى السلطة المحلية واللجنة الأمنية بمحافظة تعز، تقضي باستمرار الحملة الأمنية لتطهير المدينة من أوكار العناصر الإجرامية والخلايا المتخادمة مع ميليشيات الحوثي، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في التستر أو التسهيل لتلك العصابات الخارجة عن النظام والقانون.
وجاءت هذه التوجيهات غداة مراسم دفن جثمان مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، الشهيدة افتهان المشهري، إلى مثواها الأخير في مسقط رأسها بمديرية المعافر، في جنازة رسمية وشعبية واسعة عكست حجم الصدمة والحزن الذي خلّفته جريمة اغتيالها.
وأكد الرئيس العليمي في توجيهاته لمحافظ تعز، نبيل شمسان، أن تضحيات الشهيدة افتهان المشهري ستظل حاضرة في وجدان أبناء تعز واليمن عامة، مشددًا على ضرورة تخليد ذكراها بطرق تعكس قيم التفاني والإخلاص في خدمة المجتمع.
وتضمنت التوجيهات إطلاق اسمها على الشارع الذي اغتيلت فيه، وإعلان "يوم افتهان" كيوم سنوي للنظافة والمبادرات المجتمعية في المحافظة، بمشاركة المدارس والجامعات والقطاعات الشبابية والمدنية. كما وجّه الرئيس بإقرار جائزة سنوية باسمها تمنح للموظف أو الموظفة المثالية في مجال الخدمات البلدية والبيئية، تكريمًا لإرثها العملي والإنساني.
إلى جانب ذلك، شددت التوجيهات على ضرورة الاستمرار في تنفيذ الحملة الأمنية المشتركة، لضبط جميع المتورطين بجرائم الاغتيالات والإرهاب، واتخاذ إجراءات حازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
وأكدت التوجيهات على أهمية التنسيق الكامل بين السلطة المحلية، والأجهزة الأمنية، والحكومة، وكافة الجهات المعنية، لتطهير المدينة من عناصر الإجرام والفوضى، وتعزيز حضور الدولة، بما يحفظ السكينة العامة ويعيد الثقة إلى المجتمع.