1.4 مليار دولار خلال 5 سنوات.. عبث وشبهات فساد بمشاريع المنظمات والمساعدات في تعز
السياسية - منذ 26 دقيقة
تعز، نيوزيمن، خاص:
كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بتعز عن شبهات فساد وعشوائية طالت مشاريع المنظمات المحلية والمساعدات الدولية بالمحافظة خلال خمس سنوات.
وحصل "نيوزيمن" على نسخة من التقرير المرفوع إلى محافظ تعز، حول نتائج فحص ومراجعة وتقييم تدخلات المنظمات المحلية والدولية والإقليمية في تعز خلال الفترة من 2018م إلى 2023م.
التقرير، الذي استند إلى البيانات المقدمة من مكاتب كل من التخطيط والتعاون الدولي، الصحة، والشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة، أورد أرقامًا عن مبالغ المشاريع التي نفذتها المنظمات الأهلية والمساعدات التي قدمتها المنظمات الدولية خلال هذه الفترة، وبلغ إجمالي هذه المبالغ نحو 1.4 مليار دولار أمريكي.
ويبدأ التقرير بسرد ملاحظاته العامة على أداء المكاتب الحكومية المعنية بمراقبة أداء تدخلات المنظمات الأهلية والدولية، حيث يشير إلى ضعف قاعدة المعلومات لديها، وعدم تكامل الجهات المعنية قانونيًا بالإشراف والرقابة المصاحبة لأنشطة المنظمات والجمعيات والمؤسسات الخارجية والمحلية، معتبرًا أن ذلك يحول دون قيام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بممارسة دوره الرقابي على النحو المنصوص عليه في القانون.
كما يشير التقرير إلى وجود قصور في أوجه التعاون والتنسيق والمراقبة بين مكتب التخطيط والتعاون الدولي ومكتب الشؤون الاجتماعية على أنشطة كافة المنظمات العاملة في المحافظة، مما أثر سلبًا على توافر المعلومات الضرورية عن نشاط المنظمات الدولية والمحلية.
وأشار التقرير أيضًا إلى ضعف الرقابة الداخلية ونقص الخبرات لدى الجهات المعنية في المحافظة وكذا لدى الجهات المستفيدة، مؤكدًا أن ذلك أثر على توفير بيانات ومعلومات كافية وملائمة عن أنشطة المنظمات العاملة في نطاق المحافظة.
ومن الملاحظات التي يقدمها التقرير، عدم قيام مكتبي التخطيط والشؤون الاجتماعية بإلزام جميع المنظمات المحلية التي تحصل على تمويلات خارجية بإعداد مذكرات لكل أنواع التدخلات وفق النموذج المتفق عليه، بما يخدم تحقيق الأهداف وأغراض التنمية المستدامة لكافة القطاعات المتضررة من الحرب.
كما أن التقارير الدورية والسنوية المرفوعة من المكتبين لا تتضمن النتائج والآثار المترتبة على تدخلات المنظمات والجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية في جميع مجالاتها، مع غياب آلية لقياس عوامل النجاح والفشل لهذه التدخلات.
تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أورد في تقييمه لتدخلات ومشاريع أهم المنظمات الأهلية ملاحظات لافتة تكشف حجم العبث والفساد لهذه المشاريع وأرقامًا ومبالغ مهولة.
أبرز ما ورد في التقرير، ما كشفته تفاصيل حول جمعية الوصول الإنساني للشراكة والتنمية (SSW) – الاسم الجديد لجمعية الإصلاح الخيرية (إخوان اليمن) – حيث استحوذت على ما نسبته 80% من إجمالي التدخلات على مستوى المحافظة خلال السنوات 2019–2021.
وبحسب التقرير، فإن إجمالي المشاريع التي زعمت الجمعية تقديمها خلال هذه الفترة بلغ نحو 639 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى مبلغ 52 مليار ريال يمني، إلا أن البيانات التفصيلية عن المشاريع لم تحدد مدة التدخلات، تاريخها، والمناطق المستهدفة، كما لم يتم تحديد الالتزام التام بتنفيذ هذه المشاريع.
واللافت أن التقرير أعاد ذكر هذه الجمعية في سياق تقييمه لمشاريع وتدخلات المنظمات الأهلية لعام 2022م وفق بيانات المكاتب الحكومية، والتي أشارت إلى أن الجمعية قدمت خلال العام المشار مشروعاً صحياً بتكلفة وقدره 75 مليون دولار أمريكي لجميع مديريات محافظة تعز، "دون ذكر ماهي أوجه التدخل في القطاع الصحي"، حسبما يُعلق تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
ويؤكد التقرير أن مثل هذا الدعم الكبير يفترض أن يكون محددًا له أهداف تخدم القطاع الصحي على المدى الطويل، وأن يتم تنفيذه عبر مكتب الصحة أو بإشرافه ومعرفته.
كما تطرق التقرير إلى مؤسسة القيادي الإخواني البارز حمود سعيد المخلافي، حيث ورد أن تدخل المؤسسة بمشروع المركز العربي للأطراف الصناعية (عمان-الأردن) خلال 2019–2021 بلغت قيمته 1.8 مليون دولار، إلا أن القيمة الفعلية للتدخل في تعز بلغت 6,539 دولار فقط. مشيراً أيضاً إلى أن تقرير مكتب الشئون الاجتماعية أعتمد مبلغ 628ألف دولار أمريكي كتدخل للمؤسسة المخلافي باسم مشروع مواجهة وباء كورونا في محافظة تعز، ويعلق التقرير قائلاً : لم يحدد الجهة المستفيدة من الدعم وما إذا كان دعم نقدي أو عيني.
وأشار التقرير أيضًا إلى شبهات فساد في مشاريع مؤسسة "دروب النور للتنمية الاجتماعية"، التي زعمت أن إجمالي مشاريعها في تعز خلال خمس سنوات بلغ أكثر من 3 مليار ريال، دون وجود بيانات حول المناطق المستفيدة ومستوى التنفيذ.
التقرير قدم ملاحظات هامة على المشاريع المنفذة بالمحافظة، على رأسها عدم تقييم التكلفة المالية للمشاريع التي تنفذها المنظمات والمؤسسات والجمعيات بالقيمة المعادلة بعملة الريال اليمني وفقاً لإشعار البنك المركزي خلال العام الذي تدخلت فيه تلك المنظمات.
كما تضمنت ملاحظات التقرير وجود ضعف وقصور كبير في بعض البيانات المهمة والضرورية المتعلقة بالوضوح والشفافية الخاصة بأنشطة المنظمات والمؤسسات والجمعيات العاملة في المحافظة.
ومن هذه البيانات مقر المنظمة أو المؤسسة أو الجمعية في الجمهورية اليمنية، التصريح أو الترخيص الممنوح من الجهة المختصة، مصادر التمويل، الالتزامات القانونية التي ينص عليها قانون الجمعيات والمؤسسات ولائحته التنفيذية.
وأشار التقرير إلى أن معظم المنظمات الدولية والأممية تضع قيودًا وشروطًا على ما تقدمه من مشاريع، مثل اقتطاع نسبة تصل إلى 50% من تكلفة المشروع لتغطية تكلفة التشغيل، مما يقلل من كفاءة التكلفة ويحد من الاستفادة من المشاريع.
وفيما يخص المجال الصحي، أشار التقرير إلى غياب استراتيجية وطنية واضحة لتخطيط الاحتياجات الأساسية للقطاع الصحي، وعدم وجود إدارة للمعلومات بمكتب الصحة لجميع مشاريع تدخلات المنظمات، مع غياب القوانين والإجراءات الحكومية التي تلزم وزارة الصحة ومكاتبها بمراقبة أنشطة الصحة العامة.
كما نبه التقرير إلى قيام بعض المنظمات بتسجيل مشاريع بمبالغ بسيطة جدًا لا تُعد مشاريع حقيقية، مثل مصاريف إدارية لدورات تدريبية، أو اعتماد مسميات مشاريع لا تنطبق مع القطاعات المستهدفة كالصحة، مثل مشاريع المياه والصرف الصحي، الإصحاح البيئي، والغذاء.
وحول تقييم أنشطة تدخلات بعض المؤسسات والمنظمات للعام ۲۰۲۳م في محافظة تعز، تقول ملاحظات التقرير بأن معظم تدخلات بعض المؤسسات وخصوصاً التمويلات الكبيرة اقتصرت على مجالات غير إنمائية ولا تساهم في البنى التحية وهي تدخلات تتكرر من سنه الأخرى في تدخلات العديد من المؤسسات والمنظمات والجمعيات، ويُرجع ذلك الى عدم قيام المكاتب الحكومية بترشيد وتوجيه المشاريع نحو أهداف التنمية المستدامة.
واختتم التقرير بعدة توصيات، أهمها: ضرورة التنسيق بين مكتبي التخطيط والتعاون الدولي والشؤون الاجتماعية، وإلزام جميع المنظمات المحلية التي تحصل على تمويلات خارجية بإعداد مذكرات تفاهم بكافة أنواع تدخلاتها، وتوفير قاعدة بيانات شاملة وتفصيلية لجميع أنشطة المنظمات، وتنشيط أعمال الرصد والتتبع لمؤشرات الأداء وتقييم مدى الاستفادة من المساعدات والمنح المقدمة.
>
