تشغيل ميناء نشطون في المهرة.. تمرد رسمي بغطاء إخواني
السياسية - منذ 39 دقيقة
المهرة، نيوزيمن، خاص:
في تطور خطير يعكس حجم الانفلات الإداري وسيطرة مراكز النفوذ الموازية لسلطة الدولة، عاود ميناء نشطون في محافظة المهرة نشاطه بشكل غير قانوني، متحديًا قرارًا رئاسيًا صادرًا مطلع نوفمبر قضى بإغلاقه مؤقتًا وإخضاعه لمراجعة شاملة ضمن إجراءات الإصلاحات الاقتصادية.
ورغم التوجيهات الحكومية الملزمة، فإن السلطة المحلية في المهرة مضت في خطوة وصفت بأنها تمرد رسمي بغطاء إخواني، تقوده خلية مسقط المرتبطة بالقيادي الإخواني الموالي للحوثيين سالم الحريزي، تحت ذريعة حماية "الإيرادات السيادية للمحافظة".
ظل ميناء نشطون، طوال سنوات مضت، يعمل خارج إشراف السلطات الشرعية، مستغلًا حالة الضعف الأمني والانفلات الإداري في المحافظة. وبحسب مصادر أمنية واقتصادية، شكّل الميناء منفذًا رئيسيًا لشبكات تهريب مرتبطة بميليشيا الحوثي، خاصة بعد تضييق الخناق عليها في المنافذ البحرية والبرية شرق البلاد وغربها. ومع بدء الحكومة تنفيذ إصلاحات تهدف لضبط الإيرادات ومنع الفساد، برزت مقاومة شديدة من الأطراف المستفيدة من حالة الفوضى السابقة.
بحسب مصادر محلية في المهرة أن السلطة المحلية في المهرة أصدرت توجيهات غير مباشرة بإعادة تشغيل الميناء بشكل منفرد، رغم القرار الرئاسي الذي يقضي بإغلاقه مؤقتًا، مشيرًا إلى أن الميناء "يعمل حاليًا خارج النظام الجمركي ولا يخضع لمصلحة الجمارك". وأضاف أن المصلحة رفعت مذكرة رسمية إلى مجلس الوزراء لإخطارهم بتطورات الوضع وانتظار التدخل الحكومي.
ولم يقتصر التمرد على ميناء نشطون، إذ سبق لمحافظ المهرة أن أصدر مطلع نوفمبر قرارًا بتشكيل لجنة لتحصيل إيرادات منفذ شحن البري وتوريدها إلى حسابات السلطة المحلية، في مخالفة صريحة لقرار المجلس رقم (11) الذي يلزم بتوريد جميع إيرادات المنافذ إلى حساب الحكومة في البنك المركزي.
هذه الخطوات دفعت الحكومة إلى إرسال مذكرة شديدة اللهجة إلى مجلس القيادة الرئاسي، تطالب بالتدخل الفوري وإلزام السلطة المحلية بتطبيق القوانين ووقف الإجراءات الأحادية التي تهدد بنسف الإصلاحات الاقتصادية.
ورغم أن مجلس القيادة، عبر رئيسه رشاد العليمي، أصدر توجيهات صارمة بضرورة التزام جميع المحافظات بالإصلاحات وتوريد الإيرادات للبنك المركزي، إلا أن السلطة المحلية في المهرة ربطت موافقتها بشرط إعادة تشغيل ميناء نشطون، وهو ما يؤكد – وفق مراقبين – أن التمرد ليس قضية موارد، بل صراع نفوذ على منفذ استخدم تاريخيًا في عمليات تهريب مشبوهة.
وتكشف التحركات الأخيرة للجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة – المحسوبة سياسيًا على جماعة الإخوان – حجم الإصرار على فرض تشغيل الميناء رغم الاعتراضات الحكومية. فقد سارعت اللجنة إلى عقد اجتماع رسمي مع قيادة السلطة المحلية للتأكيد على "أهمية استمرار نشاط ميناء نشطون" واعتباره "منفذًا رسميًا وقانونيًا"، رغم معرفتها بالقرار الرئاسي المُلزم بإيقافه.
اللجنة التي شارك ممثلوها، بينهم رئيس الدائرة الأمنية مسلم رعفيت والناطق الرسمي علي مبارك محامد، في اجتماع المحافظ محمد علي ياسر، حرصت على تأكيد موقفها الداعم لسلطة المحافظة، مركزة على الدفاع عن "حقوق أبناء المهرة"، في خطاب يراه مراقبون جزءًا من محاولة شرعنة التمرد الإخواني بغطاء المطالب الشعبية.
ومع أن اللجنة الإخوانية تحدثت عن دعمها للأجهزة الأمنية والعسكرية، وتأكيدها على أهمية توحيد الصف الداخلي للحفاظ على الاستقرار، إلا أن توقيت هذه التصريحات ونبرة خطابها وانسجامها مع موقف المحافظ، كلها تعكس – بحسب مصادر سياسية – تنسيقًا واضحًا بين السلطة المحلية وقيادة خلية مسقط الساعية لإبقاء الميناء خارج سيطرة الحكومة الشرعية.
وفي سياق الرسائل السياسية، شددت اللجنة على ضرورة مراعاة خصوصية المهرة في مسار الإصلاحات الاقتصادية، في إشارة تُقرأ كرفض مبطن لتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي، والانحياز إلى مطلب السلطة المحلية بإبقاء الميناء تحت إدارتها الخاصة.
وتؤكد المعطيات أن ما يحدث في ميناء نشطون ليس مجرد خلاف إداري أو اقتصادي، بل تمرد منظم تقوده جماعة الإخوان عبر أدواتها في السلطة المحلية، بهدف استمرار السيطرة على واحد من أهم منافذ التهريب التي استفادت منها ميليشيا الحوثي لسنوات.
وبينما تحاول الحكومة تطبيق إصلاحات شاملة لوقف الفساد وضبط الإيرادات، تستميت جماعة الإخوان – عبر خلية مسقط – لإبقاء المهرة خارج النسق الوطني، وفرض واقع موازٍ يعطل الدولة ويخدم أجندات تتجاوز الحدود اليمنية.
>
