جرحى الغارات الإسرائيلية في صنعاء يواجهون الموت بعد تخلي الحوثيين عن علاجهم
السياسية - منذ ساعتان و 10 دقائق
وسط مشاهد مأساوية، يكافح جرحى الغارات الإسرائيلية في صنعاء، من أجل البقاء على قيد الحياة، بعد أن تخلّت عنهم سلطة ميليشيا الحوثي وتركتهم يواجهون مصيرهم المجهول، دون تقديم أي رعاية طبية في المستشفيات الحكومية.
وبحسب شهادات أقارب بعض المصابين، فإن الجرحى الذين نُقلوا إلى المستشفى الجمهوري، كبرى مستشفيات صنعاء، لم يتلقوا حتى الإسعافات الأولية اللازمة، نتيجة غياب الخدمات الطبية الأساسية وعجز الكادر الطبي المضرب عن العمل منذ أكثر من شهر.
وقال أحد أقارب الجرحى: "نقلنا المصابين الذين سقطوا جراء غارة جوية على منطقة التحرير إلى المستشفى الجمهوري أملاً في تلقي الرعاية، لكننا صُدمنا بعدم وجود أطباء أو مساعديهم، فاضطررنا لنقلهم إلى مستشفيات خاصة على نفقتنا الخاصة، رغم الظروف المادية الصعبة، لأن الوضع الصحي لهم كان يتدهور بسرعة". وأوضح أن الوضع داخل المستشفى الجمهوري يعكس حالة الانهيار التام للخدمات الطبية، في ظل تجاهل الحوثيين لمعاناة الضحايا وانشغالهم بفعاليات احتفالية على حساب الأرواح.
مصدر طبي في المستشفى أكد أن الأطباء ومساعديهم ينفذون إضرابًأ شاملًا منذ أكثر من شهر، احتجاجًا على نهب مستحقاتهم لثلاثة أشهر متتالية من قبل قيادات حوثية تتولى قيادة هيئة الزكاة، التي قامت بتحويل مستحقاتهم المالية لتمويل احتفالات المولد النبوي وطلاء الشوارع بالأخضر.
وأشار إلى أن هذا الوضع، بالإضافة إلى حرمان الكوادر الطبية من مرتباتهم الشهرية نتيجة استيلاء الحوثيين على الإيرادات الحكومية، تسبب في شلل شبه كامل للخدمات الطبية بالمستشفى، وهو ما انعكس مباشرة على حياة مئات الجرحى والمرضى.
تخلي الميليشيات الحوثية عن علاج جرحى الغارات الإسرائيلية، يمثل جزءًا من سياسة الإهمال المتعمد التي تنتهجها تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها، حيث لا تُخصص الموارد لخدمة القطاع الصحي، بل تُوجَّه لتمويل أنشطتها العسكرية والاحتفالية.
ويؤكد الأهالي أن هذا الوضع دفع المصابين وأسرهم إلى تحمل تكاليف باهظة في المستشفيات الخاصة، في وقت يعيش فيه معظم السكان ظروفًا اقتصادية متردية، ما يضاعف معاناتهم ويجعل حياتهم عرضة للخطر.
يقول أحد أقارب الضحايا: "نجونا من الغارات، لكننا لم نجد من يمد لنا يد العون، المستشفى الحكومي مغلق بوجهنا، ولا خيار أمامنا سوى الاقتراض والبحث عن علاج في مستشفيات خاصة، بينما الحوثيون ينفقون المليارات على تلميع الشوارع وإحياء المناسبات"، في إشارة إلى حجم المأساة الإنسانية التي تتسع يومًا بعد آخر.
وفي الوقت الذي لم تخمد فيه أدخنة الغارات على صنعاء والجوف، خرجت الميليشيات في بيانات عاجلة على لسان وزارة الصحة تستعطف العالم بأن الغارات الجوية أسفرت مقتل 35 شخصاً وإصابة 131 آخرين. إلا أن البيانات والتصريحات الحوثية تتجاهل بشكل متعمد معاناة الجرحى أو حتى تحمل مسؤولية ما جرى لهم بسبب التهور واللامبالاة التي تنتهجها الميليشيات في خوض حروب عبثية تزهق مزيدًا من الأرواح.
وفي سياق متصل، وجّه الكاتب والمحلل السياسي المحسوب على الجماعة الحوثية محمد المقالح انتقادات لاذعة لقيادة الميليشيات على خلفية تجاهلها لضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرة في صنعاء، حتى في الخطابات الرسمية. وقال المقالح في تغريدتين على صفحته في منصة "إكس" إن الخطاب الطويل الأخير لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، والذي استمر لساعات، لم يتضمن أي ذكر أو تعاطف مع ضحايا القصف الإسرائيلي على ميدان التحرير، معتبراً أن ذلك يعكس حالة انفصال صارخة بين القيادة وأوجاع الناس.
وأكد بالقول: "عزائي لضحايا القصف الصهيوني على ميدان التحرير والذين لم يجدوا لهم حرفاً واحداً في خطبة استمرت لساعات طويلة"، مضيفاً: "من لم يتألم لأوجاع أسر الضحايا في ميدان التحرير إما أن يكون بلا مشاعر وإما أن يكون غريب الديار وعابر سبيل في هذه البلاد". هذه التصريحات اعتُبرت إقراراً نادراً من شخصية محسوبة على الجماعة بحجم الهوة المتسعة بين خطاب الحوثيين الدعائي وما يعيشه اليمنيون من مآسٍ يومية.