التجنيد أو التهريب.. خياران حوثيان للمهاجرين الأفارقة في صعدة

تقارير - Saturday 14 January 2023 الساعة 07:16 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

"ماتوا بلدغات الأفاعي".. هكذا بررت مليشيا الحوثي - ذراع إيران في اليمن، مقتل عشرات المهاجرين غير الشرعيين الذين وصولوا إلى مناطق سيطرتها، في طريق الهجرة إلى الأراضي السعودية بحثاً عن العمل وتحسين ظروفهم المعيشية.

وتتلقف عصابات حوثية في محافظة صعدة -المعقل الرئيس لجماعة الحوثي في اليمن- مجاميع المهاجرين الذين يحملون جنسيات "أثيوبية وصومالية"، عقب وصولهم مباشرة إلى مديريات المحافظة، وتقوم بتجنيدهم وإجبارهم على تنفيذ مخططاتها على الحدود الواصلة إلى المملكة العربية السعودية.

وبالإضافة إلى الاحتمالية العالية للقتل على يد الحوثيين، فإن المهاجرين الإفريقيين يتعرضون لصنوف مختلفة من الانتهاكات أيضاً. بداية من الإجبار على الالتحاق بجبهات القتال حسبما صرح مسؤولون يمنيون أكثر من مرة، ومروراً بفرض مبالغ مالية على المهاجرين مقابل ترحيلهم، ووصولا إلى الاعتداءات الجنسية والتعذيب. كما يمكن أن يتم استغلالهم من قِبل الحوثيين في مهام استطلاعية واستخبارية، أو استغلالهم للعمل في خدمة قواتهم.

ضحايا وتنصل حوثي 

وبحسب المعلومات الأولية، فإن أكثر من 70 مهاجراً إفريقياً لقوا حتفهم خلال الأشهر الماضية، بعد أن أجبرتهم الميليشيات الحوثية وعصابات التهريب على تنفيذ مهام عسكرية وإيصال المخدرات إلى الأراضي السعودية. 

وأشارت المصادر أن المهاجرين يتم تجميعهم في مواقع وكهوف عسكرية تابعة للميليشيات الحوثية في جبال صعدة، قبل أن يتم إرسالهم إلى مواقع قريبة من الحدود السعودية لتنفيذ بعض المهام بينها الاستطلاع والتجسس وزرع العبوات المتفجرة، موضحة أن الكهوف الحوثية في الجبال عبارة عن مخازن أسلحة ومتفجرات ونقطة انطلاق لتنفيذ المهام العسكرية وعمليات التهريب الواسعة التي تشرف عليها قيادات حوثية بارزة في صعدة.

وأشارت أن انفجارا عنيفا هز أحد الكهوف الحوثية في جبال منطقة "شدا" وتسبب في مقتل العشرات من المهاجرين الذين كانوا بداخله. وسارعت الميليشيات لطمس معالم الحادثة برفع تقرير للجنة عسكرية أمام مجلس الشورى الحوثي توضح فيه أن معظم المهاجرين الأفارقة توفوا نتيجة تعرضهم للدغات الأفاعي. 

>> ممارسات الحوثي الوحشية تجبر اللاجئين الإثيوبيين على رحلة العودة

أضف إلى ذلك سقوط ضحايا من المهاجرين على يد مافيا التهريب الحوثية، التي تستغل تدفقهم إلى مناطق صعدة ورغبتهم في قطع الحدود اليمنية الشمالية إلى السعودية، من أجل تجنيدهم واستخدامهم كمهربين لهم دون مبالاة بحياتهم وبخطر الألغام المنتشرة على الحدود اليمنية السعودية.

مخابرات الحوثي تتولى المهمة 

بدورها كشفت مصادر أمنية في صنعاء أن جهاز المخابرات الحوثي، المعروف باسم جهاز الأمن الوقائي، يتولى حالياً إدارة ملف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الإفريقي، مشيرة إلى أن الجهاز الحوثي وجه بسرعة دفن جميع المهاجرين الأفارقة الذي قتلوا في جبال صعدة بظروف غامضة. في حين جرى اعتقال أكثر من 20 مهاجراً آخرين رفضوا الانصياع لتوجيهات القيادات الحوثية والانخراط في الأعمال العسكرية أو عمليات تهريب أخرى.

وأضحت أن تبرير مقتل عدد من المهاجرين بلدغات الأفاعي في جبال صعدة ما هي إلا محاولة حوثية للتنصل من مسؤولية جرائم القتل والإعدامات التي طالت الأثيوبيين والصومال.

وبحسب المصادر فإن الميليشيات الحوثية اعترفت بإنشاء 3 معسكرات لإيواء المهاجرين غير الشرعيين الواصلين إلى صعدة. وإخضاع تلك المعسكرات البعيدة عن أعين منظمة الهجرة الدولية أو المنظمات الحقوقية والإنسانية لإشراف مباشرة لجهاز الأمن الوقائي الحوثي، مشيرة إلى أن المهاجرين في تلك المعسكرات يتم إخضاعهم وإشراكهم في دورات تدريبية طائفية قبل أن يتم نقلهم إلى مواقع عسكرية أخرى تمهيدا لتنفيذ بعض المهام على الحدود.

الحرق وسيلة حوثية

تنكيل كبير يتعرض له المهاجرون الأفارقة الواصلون إلى محافظة صعدة، فمن لم يسلم من عمليات التجنيد وعصابات التهريب الحوثي يكون فريسة للتصفية بالحرق. الكثير من المهاجرين في صعدة أصروا على البقاء في أماكن إيواء بينها مخيم غير مجهز في منطقة الرقو الحدودية بين اليمن والسعودية. إلا أنهم تفاجأوا بعملية حرق لخيامهم واستهدافهم بالنيران من أجل تضييق الخناق عليهم وإجبارهم على قبول خياري التجنيد العسكري أو الانضمام لعصابات التهريب.

وكشف تقرير حقوقي صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عن تعرض المهاجرين لتصفية ممنهجة خصوصا للرافضين الانخراط بعمليات التجنيد أو عصابات التهريب الحوثية، موضحا أن ميليشيا الحوثي أقدمت على إحراق محلات وخيام مهاجرين أفارقة في منطقة الرقو الحدودية بمحافظة صعدة، ما أسفر عن مقتل نحو 20 مهاجراً وإصابة العشرات.

وأشارت الشبكة إلى أن الميليشيا الحوثية تواصل جرائمها ضد المدنيين العزل وتعمل على تصفية من يرفض الانسياق ضمن مخططاتها الإرهابية والقتال في صفوفها أو العمل في مجال تهريب المخدرات والممنوعات العابرة للحدود من اليمنيين والأفارقة الذين يتخذون اليمن منطقة عبور إلى عدد من الدول بحثاً عن لقمة العيش.

واعتبر البيان، هذه الجريمة "إضافة جديدة إلى سجل الميليشيا الدموي خصوصاً بعد قتل أكثر من 150 إفريقياً حرقاً في سجن الجوازات بصنعاء في العام 2020، لافتاً إلى أن الجرائم الحوثية مستمرة بحق المدنيين اليمنيين والمهاجرين العزل.

وطالبت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، كافة المنظمات الدولية والأمم المتحدة بسرعة التحرك لإنقاذ المهاجرين الأفارقة والمدنيين وتفعيل القوانين والإجراءات الدولية لحماية حقوق اللاجئين وفرض عقوبات على الجهات المتورطة في الجرائم ضد المدنيين العزل.

تصفية ممنهجة 

تأكيدات لشهود ومصادر حقوقية في صعدة أوضحت أن الحوثيين يتعمدون دفع المهاجرين إلى مناطق حرجة على الحدود، أو مناطق التماس؛ سعياً منهم إلى توريط حرس الحدود أو قوات التحالف العربي في مقتلهم أو إلحاق الضرر بهم؛ كجزء من دعاية الحرب التي يمارسها المتمردون. في نهاية المطاف، غالباً ما يسقط الضحايا جراء نيران الحوثيين.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” كشفت في تقارير صادر عنها أن مقاتلين حوثيين اعتقلوا بقسوة آلاف المهاجرين الإفريقيين في محافظة صعدة. ثم أجبروهم على ركوب شاحنات صغيرة واقتادوهم إلى الحدود السعودية. وقد اُستخدمت الأسلحة الصغيرة والخفيفة من قبل الحوثيين لإطلاق النار على كل من حاول الفرار منهم. أدى ذلك التصرف الهمجي والوحشي إلى سقوط قتلى من المهاجرين.

من جانبها وصفت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر ما يجري من انتهاكات وجرائم بحق المهاجرين الأفارقة في صعدة بأنها مجازر جماعية ويجب التحرك لوقفها.

 وطالبت المنظمة بسرعة فتح تحقيق حول عصابات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر المتورطة باستدراج وتهريب المهاجرين وتقديمهم للمحاكمة جراء ما يقومون به من جرائم وتعريض حياة المهاجرين للخطر والعبور بهم في رحلات محفوفة بالمخاطر. كما طالبت المنظمة بإعادة تفعيل اللجنة الوطنية الفنية لمكافحة الاتجار بالبشر للقيام بدورها في الحد من هذه الظاهرة.