مدرسة وحيدة للبنات في موزع تعيد الثقة بقدرة المجتمعات المحلية على إعادة التعليم لعهده السابق

المخا تهامة - Friday 30 December 2022 الساعة 07:18 am
موزع، نيوزيمن، خاص:

يبعث أصوات طالبات الصفوف الأولى بمدرسة الزهراء، وهن يرددن خلف أستاذتهن درساً في القرآن الكريم مشاعر الانجذاب للتعرف على أوضاع المدرسة الوحيدة للبنات في مديرية موزع، غربي محافظة تعز.

عند الولوج إليها، تلفت الأنظار باحتها الواسعة النظيفة التي زينت بالأشجار على جانبيها، وفي الفصول التعليمية يبدو التنظيم والهدوء صفتين ملازمتين للسلوك الذي تتمتع به طالبات هذه الدراسة.

وأكثر ما يبادر إلى الذهن، التساؤلات المثيرة كيف لمدرسة في منطقة نائية أن تكون بهذا المستوى من الترتيب والتنظيم، إلى حد أن فصولها تقترب من معايير المعمول بها من حيث عدد الطلاب في كل فصل، وهو ما يتيح للطالبات المشاركة والاستماع للدروس التعليمية بشكل أفضل.

يقول مديرها، محمد هاشم لنيوزيمن، في السابق كان الاكتظاظ لا يتيح للطالبات الاستيعاب الجيد، وكان لا بد من تشعيب الفصول، بحيث يستطيع المعلم إيصال رسالته بسهولة، وبدون أن تعترضها الكثافة العددية داخل كل فصل.

كما أن الصندوق الاجتماعي وفق مدير المدرسة، حل جزءاً  كبيراً من مشكلة النقص العددي في الكادر التعليمي، من خلال توظيف 8 خريجات جامعيات، فيما لجأت إدارة المدرسة للمعلمات المتطوعات لتغطية بقية العجز بالفصول الأخرى.

وبالرغم من التنظيم والأداء الرائع للمدرسة، إلا أنها ما تزال تفتقر للعديد من الأساسيات، وهي مشكلة مرتبطة بمدارس المديرية ال34 وأبرزها غياب الكتاب المدرسي، ومعمل ومكتبة ومنظومات الطاقة الشمسية.

تقول صفية هشام، وهي إحدى الطالبات، نريد كتباً، نريد منظومات طاقة شمسية لتلطيف الجو داخل الفصول خلال فصل الصيف. لكن إيمان السيد، وهي إحدى زميلاتها في الصف، تتطلع إلى وجود معمل ومكتبة تقضي فيها الطالبات أوقات فراغهن للتزود المعرفي بما لا تتيحه الكتب المدرسية.

ويشكو علي المجلي، الذي يشغل منصب مدير التربية في هذه المديرية التي تحتوي على أشهر أودية اليمن الزراعية من "تسرب طواقم التدريس"، والسبب في ذلك ربما يعود إلى أن المرتبات التي لم تعد تكفي لمتطلبات الحياة اليومية، ما يدفع البعض للبحث عن فرص عمل أخرى بعيدة عن التخصصات التي عملوا فيها لسنوات عدة.

ومن بين 391 معلما ما يزال يعمل 327، وبحسب المجلي "فإن هذا النقص الذي يبدو ضئيلا خلق أزمة تعليمية كبيرة أثر على سير العملية التعليمية، ما دفع مدارس موزع للاستعانة بالمعلمات المتطوعات".

وتعمل أولئك المعلمات بدون أجور شهرية منذ أعوام، في بادرة تكررت في مدارس كثيرة في أنحاء المدن المحررة، إذ وجدت الشابات أنفسهن في مواجهة التحديات وتحملن مسؤولية ملء الفراغ بكل جدارة.

ويرى مدير المدرسة أن العملية التعليمية بالمديرية تسير مدفوعة بجهود المعلمات المتطوعات، وهي جهود لولاها لتوقفت العملية التعليمية ليس في الزهراء فحسب، وإنما في مدارس المديرية بكاملها.

الانطباع الذي يخرج به الزائر من المدرسة يعيد الثقة بقدرة المجتمعات المحلية على إعادة العملية التعليمية مجددا بعدما انفصل المئات من الطلاب عن مدارسهم التي دمرتها حرب مليشيات الحوثي لعدة أشهر، وتسببت بخسارة الكثير من المباني التعليمية، فيما أحاطت بمدرستين على الأقل بالألغام والمتفجرات المميتة في تلك المديرية النائية.

وأعاد الهلال الأحمر الإماراتي إلى جانب منظمات أخرى بناء العديد من مدارس المديرية، فيها تولى البرنامج الوطني للألغام بالتعاون مع مشروع مسام لنزع الألغام، تطهير تلك المدارس والطرقات التي يسلكها الطلاب أثناء العبور إليها من فخاخ الموت الحوثية.