خلافـات بقالة الحوثي.. تصدّع حتمي أو تخدير موضعي وإيقاع بالمغفلين؟!

السياسية - Sunday 26 May 2019 الساعة 03:24 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

مثل لصوصٍ تمكنوا من سرقة أموال مصرف عام، فتنازعوا علناً على مقدار حصصهم عند اقتسام الغنيمة ليكتشف أمرهم للعامة، تتراشق إعلامياً مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- والقيادي الاشتراكي الموالي لها الشيخ سلطان السامعي، متبادلين اتهامات ممارسات الفساد المالي والإداري، والعبث بمؤسسات الدولة المخطوفة بمعتقلهم منذ سبتمبر 2014م، والإجهاز على مفهوم الشراكة والقبول بالآخر في ديسمبر من العام 2017م.

وفيما عدّ رداً على محاولات استبعاد والتقليل من دور الأحزاب السياسية وقيادات دولتي الشطرين قبل 22 مايو 1990م، في منجز إعادة تحقيق الوحدة، بدا الشيخ سلطان السامعي، وهو عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى في سلطات الانقلاب الحوثي، مدافعاً عن القيادات والأحزاب في منجز الوحدة، موضحاً في كلمة له في فعالية مؤتمر صنعاء بالمناسبة، أن "أعظم حدث في تاريخ الأمة اليمنية في القرن العشرين هو رفع علم الوحدة اليمنية في عدن عاصمة اليمن الاقتصادية حيث رفعه الزعيم الراحل علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض". وأشار السامعي، وهو عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني إلى أن الفضل في تحقيق الوحدة اليمنية "كان للحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام".

المشاط يتجاهل دور الأحزاب في تحقيق الوحدة

وأضاف السامعي، في كلمة قوبلت باستحسان الحاضرين، "ولا نستطيع أن ننكر التاريخ ومن ينكر التاريخ فهو يغالط نفسه"، وذلك في إشارة إلى تجاهل دور حزبي الاشتراكي والمؤتمر وقياداتهما السياسية في المنجز المحتفى بذكراه الـ29 في خطاب بالمناسبة وجهه رئيس ما يسمى المجلس السياسي مهدي المشاط، الذي رأى في خطابه "أن وحدة الشعب اليمني هي أكبر من كل السياسيين ومن كل الأحزاب ومن كل المواقف السياسة"، معتبرا أن "صانعها الأول هو الشعب، وهو وحده الحاكم فيها والمتصرف"، وجاء في كلمة القيادي الحوثي مهدي المشاط "أنه لا ينبغي أن ننظر إلى الوحدة على أساس أنها مفهوم سياسي أو نتعاطى معها كما لو كانت منجزاً من صنع السياسة أو من صنع الأشخاص أو الأحزاب".

السامعي يفتح النار على حامد

ولم يكتف السامعي بالدفاع عن حقوق الأحزاب في صناعة الوحدة، فبعد ساعات قليلة من الفعالية، وعبر قناة "الساحات" الفضائية، فتح النائب في البرلمان سلطان السامعي النار على القيادي في مليشيا الحوثي المعين مديرا لمكتب الرئاسة أحمد حامد "ابو محفوظ" واتهمه بالاستحواذ على 70 منصبا حكوميا، والتدخل في شئون وإدارات المؤسسات وتعطيلها وإيقاف مجلس الشوري وهيئة مكافحة الفساد، وقال السامعي: إن حامد أصبح يتصرف وكأن الدولة "بقالة". وأضاف: "هناك دستور وقوانين يجب أن تحكم الجميع، أما أن يأتي شخص ومعه مجموعة ويحوشوا على الدولة ويحولها إلى بقالة، فذلك شيء مرفوض".

...واتهامات مضادة للسامعي

وبالمقابل بدأ موالون للقيادي الحوثي أحمد حامد، شن حملة إعلامية تتهم السامعي بإصدار أكثر من 800 توجيه لوزراء ومحافظين ورؤساء مؤسسات حكومية، تتضمن التوجيه بتعيينات لأشخاص مقربين من السامعي، وما وصفوها تدخلات في مواضيع أراض وغيرها، موضحين "حين كثرت الشكاوى من السلطات المحلية والوزارات أصدر المشاط توجيها بعدم اعتماد أي توجيه من المجلس السياسي الاعلى إلا إذا كان بختم الرئاسة"، وهو باعتقادهم السبب وراء تهجم السامعي على أحمد حامد.

وفي تعليقه على هذه التطورات يرى الناشط السياسي والإعلامي عادل النزيلي، أن حديث السامعي -الذي قال إنه بدا منفوخ الريش ومرتديا بدلة عسكرية- يأتي بلسان القيادي في الجماعة محمد على الحوثي الذي صعد مؤخراَ لعضوية المجلس السياسي الأعلى، معتقداً أن المشاط رفع لنفسه رتبة مشير بعد انضمام محمد الحوثي إلى المجلس السياسي، وذلك خشية ابتلاع الأخير للمجلس والسيطرة على قراراته. وأضاف "بعدها كما قال السامعي صدر تعميم يقضي بعدم مخاطبة أعضاء المجلس السياسي لأي مسئول إلاّ عن طريق مدير مكتب المشاط"، كمحاولة من المشاط لتحييد محمد الحوثي.

توقعات بتفاقم الخلافات

ويتوقع الناشط المسمى، سيف العدل، أن ارتداء سلطان سامعي للزي العسكري وضرب طاولة المنصة سينتهي بسحبه على شوارع صنعاء، وأن محمد الحوثي سيُفعّل تحالفه مع أبو علي للقضاء على المشاط، وأن أبو علي سيعزل بعد ذلك محمد الحوثي فيحتمي بصعدة مع من تبقى من لجانه، قبل أن يلاقى حتفه هناك على يد من وصفهم أحرار صعدة.

وفي حديثهم لـ"نيوزيمن" يرى محللون سياسيون في تراشقات قيادات مليشيا الحوثي (السامعى- حامد) وأحاديث ممارسات الفساد والتسلط والعبث بمؤسسات الدولة، مجرّد محاولات لما وصفوه "تنفيساً" وتخديراً موضوعياً للرأي العام والشارع من جهة، و"الإيقاع بالمغفلين والعاطفيين من جهة أخرى"، من نشطاء الإعلام والسياسة.

وفي تعليق رصده "نيوزيمن" يعتقد الناشط عادل النزيلي، أن حديث السامعي يعد انعكاساً لتصدع جبهة الحوثي، وتعبيراً بلسان البعض ضد البعض الآخر داخل المليشيا نفسها، مستدركاً في هذا الصدد "الحوثي هو الحوثي الحاقد والمنتقم من الدولة والمجتمع وما تغير، احنا اللي فهمنا بطيء".