انفجار "فالكون" يكشف ثغرات أسطول الظل الإيراني الداعم للحوثيين
السياسية - منذ 3 ساعات و 13 دقيقة
تتواصل التحقيقات الدولية حول حادث انفجار ناقلة الغاز المسال "فالكون" في خليج عدن، والذي أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقمها واندلاع حريق ضخم على متنها نهاية الأسبوع الماضي، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على ارتباط السفينة بشبكة نقل بحرية إيرانية سرّية تعمل لصالح ميليشيا الحوثي في اليمن.
وفقاً لتقرير صادر عن منصة "لويدز ليست" المتخصصة في الشؤون البحرية، فإن الناقلة فالكون، التي ترفع علم الكاميرون، كانت تقل طاقماً مكوناً من 26 فرداً عندما تعرّضت لانفجار قوي في المياه الدولية بخليج عدن في 18 أكتوبر الجاري. وأسفر الانفجار عن اندلاع حريق واسع على متن السفينة وفقدان اثنين من أفراد الطاقم، قبل أن تؤكد بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية (أسبيدس) العثور عليهما متوفيين بعد عملية بحث وإنقاذ شاركت فيها قوات أوروبية وفرنسية، نُقلت خلالها 24 من أفراد الطاقم إلى سفينة إنقاذ متجهة إلى جيبوتي.
وبحسب التقارير، فإن السفينة كانت في طريقها من ميناء صحار العُماني إلى جيبوتي عند وقوع الحادث، بينما لا تزال طبيعة الانفجار والجهة المسؤولة عنه غير معروفة حتى الآن.
الناقلة فالكون، بحسب موقع The Maritime Executive الأمريكي، تمتلك سجلاً سيئاً من الأعطال والمخالفات؛ حيث احتجزتها السلطات التركية في يناير 2024 بسبب ثقب في هيكلها وتآكل أنابيبها، بينما وجهت لها السلطات الهندية في أغسطس 2023 اتهامات بـ 17 عيباً فنياً تتعلق بالسلامة والتعامل مع البضائع والتآكل. كما أن السفينة لا تملك تأميناً معترفاً به دولياً، وهو ما يثير الشكوك حول طبيعة عملها ووجهتها الحقيقية.
موقع TankerTrackers.com، المتخصص في تتبع حركة السفن، كشف أن السفينة فالكون تعد جزءاً من أسطول إيراني سري يُستخدم لنقل الوقود والبضائع إلى حلفاء طهران في المنطقة بعيداً عن أنظمة العقوبات الدولية. ووفقاً للموقع، فإن الناقلة كانت تحمل شحنة من غاز البترول المسال متجهة إلى اليمن لصالح ميليشيا الحوثي، في إطار عمليات تهريب مستمرة تهدف إلى تزويد الجماعة بالوقود والطاقة اللازمة لعملياتها العسكرية في مناطق سيطرتها.
وأضاف التقرير أن السفينة كانت تعمل تحت علم زائف وبهوية بحرية مضللة لتجنّب المراقبة الدولية، مرجحاً أن تكون عملية الانفجار قد وقعت أثناء نقل أو تحميل مواد قابلة للاشتعال دون إجراءات أمان قياسية. ورغم أن السفينة لم تُدرج ضمن قوائم العقوبات الأمريكية أو الأوروبية، إلا أن عدم وجود شركة تأمين مسجلة أو إدارة تشغيل رسمية لها يعزز فرضية ارتباطها بشبكات النقل الإيرانية السرّية التي تُستخدم في الالتفاف على العقوبات.
في المقابل، نفت ميليشيا الحوثي أي علاقة لها بالحادث، مؤكدة أنها لم تنفذ أي عمليات ضد السفن في المنطقة خلال الأيام الماضية. بينما أكدت هيئة النقل البحري البريطانية (UKMTO) أنها تلقت بلاغاً عن تعرض السفينة لـ"مقذوف مجهول"، لكنها لم تتمكن من تحديد مصدر الهجوم، مرجحة أن يكون الحادث ناتجاً عن خلل داخلي في أنظمة السفينة.
ولا تزال بعثة الاتحاد الأوروبي (أسبيدس) تصف الانفجار بأنه "حادث عرضي"، دون أن تصدر أي استنتاجات نهائية حول سببه أو الجهة المحتملة المسؤولة عنه.
ويأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من الهجمات والحوادث البحرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر وخليج عدن منذ اندلاع الحرب في غزة أواخر 2023، حيث تبنّى الحوثيون عشرات العمليات التي استهدفت سفنًا تجارية وعسكرية، مدّعين أنها موجهة ضد السفن المرتبطة بإسرائيل.
وبحسب تقارير دولية، استهدفت الميليشيات أكثر من 228 سفينة، وأطلقت أكثر من 1800 صاروخ وطائرة مسيّرة منذ بدء التصعيد. هذه الهجمات دفعت القوات الدولية إلى تكثيف الدوريات البحرية ضمن عمليات "حارس الازدهار" و"أسبيدس" لحماية الممرات الملاحية الحيوية التي تمثل شرياناً أساسياً للتجارة العالمية عبر باب المندب وخليج عدن.
بين تضارب الروايات الرسمية واستمرار الغموض حول الانفجار، يظل حادث السفينة فالكون مؤشراً جديداً على تعقّد المشهد البحري في خليج عدن، حيث تختلط مصالح التهريب الإيراني بمخاطر الإرهاب الحوثي، في منطقة تمثل اليوم أكثر المسارات الملاحية توتراً في العالم. التحقيقات لا تزال جارية، لكن المؤشرات الأولية تؤكد أن الناقلة لم تكن سفينة عادية، بل حلقة ضمن شبكة بحرية تعمل في الظل، هدفها تمويل وتسليح الميليشيات المدعومة من طهران على حساب أمن الملاحة الدولية.