الأمم المتحدة اتهامات الحوثي لمنظماتها بالتجسس: "ادعاءات باطلة تهدد سلامة العاملين"
السياسية - منذ ساعتان و 18 دقيقة
في تصعيد جديد للأزمة بين ميليشيا الحوثي والمنظمات الأممية، نددت الأمم المتحدة بشدة بالاتهامات التي وجهتها الميليشيا المدعومة من إيران إلى موظفيها في اليمن، ووصفتها بأنها ادعاءات مغرضة وباطلة تشكل تهديدًا خطيرًا لسلامة العاملين في المجال الإنساني، وذلك بعد أن زعمت الجماعة أن بعض المنظمات الأممية تمارس أنشطة تجسسية لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن المنظمة تشعر بقلق وانزعاج بالغين إزاء المزاعم التي أطلقتها ميليشيا الحوثي ووصفت فيها موظفي الأمم المتحدة بـ"الجواسيس"، مؤكداً أن هذه "الأكاذيب المضللة" لا تمت بصلة إلى طبيعة العمل الإنساني الذي تضطلع به المنظمة في اليمن.
وأضاف دوجاريك في بيان صحفي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، أن مثل هذه الادعاءات تعرّض حياة الموظفين في مناطق النزاع للخطر المباشر، لافتًا إلى أن الأمم المتحدة تواصل مطالبتها بإنهاء الاحتجاز التعسفي لـ53 من موظفيها الذين اختطفتهم الميليشيا الحوثية، إلى جانب عدد من العاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية أخرى، بعضهم محتجز منذ سنوات دون السماح لهم بالتواصل مع عائلاتهم أو الحصول على تمثيل قانوني.
بيان الأمم المتحدة جاء بعد يوم من خطاب تحريضي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي اتهم فيه منظمات أممية كـ"برنامج الأغذية العالمي" و"اليونيسف" بالضلوع في ما سماه "أنشطة تجسسية وعدوانية"، مدعيًا أن بعض موظفيها لعبوا دورًا في استهداف حكومته بغارة إسرائيلية في أغسطس الماضي، وهي اتهامات نفتها الأمم المتحدة ووصفتها بأنها "خطيرة ولا أساس لها من الصحة".
هذه الاتهامات تمثل حلقة جديدة في سياسة ممنهجة من الترهيب والتشويه تمارسها الجماعة تجاه المجتمع الدولي، بهدف إخضاع العمل الإنساني في اليمن لرقابتها المباشرة واستخدامه كورقة ضغط سياسي واقتصادي. كما تسعى الميليشيا، بحسب تقارير حقوقية، إلى تحويل المنظمات إلى واجهات محلية تابعة لها عبر الابتزاز والتهديد ومصادرة المقرات والمساعدات.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الأجواء العدائية والتحريضية التي تزرعها الميليشيا تجعل العمل الإنساني في مناطق سيطرتها غير آمن على الإطلاق، خاصة بعد أن صادرت الجماعة مقرات عدد من المنظمات ونهبت محتوياتها، وفرضت قيودًا مشددة على حركة الموظفين ومنعت مغادرتهم صنعاء.
وطالبت الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين دون قيد أو شرط، مؤكدة أن استمرار احتجازهم يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، كما شددت على ضرورة احترام الحصانة القانونية التي يتمتع بها العاملون الدوليون.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وسط مساعٍ حوثية ممنهجة لتقويض الثقة الدولية بالمنظمات العاملة في مناطق سيطرتها، وتحويل النشاط الإغاثي إلى أداة خاضعة لإشرافها وأجندتها السياسية.
وبحسب مراقبين، فإن الهجوم الحوثي على الأمم المتحدة يمثل محاولة لتبرير حملات الاختطاف والاعتقال التي طالت عشرات الموظفين الأمميين، والتمهيد للسيطرة الكاملة على موارد المساعدات والمشروعات الإنسانية.
ويرى خبراء في الشأن اليمني أن الاتهامات الحوثية الأخيرة تأتي في سياق محاولات متكررة لتبرير الانتهاكات بحق المنظمات والموظفين الأمميين، خاصة بعد الانتقادات الدولية التي واجهتها الجماعة إثر عمليات الاختطاف المتكررة ونهب المساعدات. ويؤكدون أن الجماعة تحاول عبر هذه المزاعم إعادة رسم صورتها داخليًا باعتبارها تواجه "تآمرًا خارجيًا"، بينما تستخدم الملف الإنساني لتوسيع سيطرتها الاقتصادية والسياسية في الداخل.