توسيع الاستثمارات الدولية.. توجه حكومي لتعزيز التعافي الاقتصادي

السياسية - منذ ساعتان و دقيقتان
عدن، نيوزيمن:

في خطوة تعكس عودة الاهتمام الدولي بالاقتصاد اليمني بعد سنوات من الجمود، أعلنت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) استعدادها لتوسيع استثماراتها في اليمن لتشمل قطاعات واعدة تسهم في خلق فرص عمل وتعزيز مسار التعافي الاقتصادي، مؤكدة أن محفظتها الاستثمارية الحالية في البلاد تبلغ 15.9 مليون دولار، تتركز بشكل رئيسي في قطاعي الأغذية والصحة.

جاء ذلك خلال الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي عقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث عقد وزير التخطيط والتعاون الدولي ومحافظ اليمن لدى مجموعة البنك الدولي، الدكتور واعد باذيب، اجتماعًا مع نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ريكاردو بوليتي، لمناقشة سبل تعزيز دور القطاع الخاص وتوسيع الاستثمارات الأجنبية في اليمن.

وأكدت مؤسسة التمويل الدولية خلال اللقاء التزامها بمواصلة دعم القطاع الخاص اليمني عبر تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم المشورة الفنية، وتوفير أدوات خفض المخاطر، مشيدةً بـ مرونة الشركات المحلية والعائلية في مواجهة آثار الحرب وتحديات التمويل.

خطة محورية

من جانبه، شدد الدكتور واعد باذيب على أن توسيع استثمارات مؤسسة التمويل الدولية يمثل محورًا رئيسيًا في جهود الحكومة لدفع عجلة التعافي الاقتصادي، مشيرًا إلى أهمية توجيه التمويلات نحو قطاعات استراتيجية قادرة على خلق فرص عمل واسعة وتعزيز البنية الاقتصادية المستدامة.

وأوضح الوزير أن أولويات الحكومة اليمنية في المرحلة الراهنة تتركز على مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، وتمكين المرأة اقتصاديًا، إلى جانب دعم مشاريع مصايد الأسماك باعتبارها أحد أهم مصادر الدخل والتوظيف في المناطق الساحلية.

كما دعا باذيب إلى توسيع الاستثمارات في قطاع الاتصالات والكابلات البحرية لتحديث البنية الرقمية وربط اليمن بالاقتصاد العالمي، إضافة إلى تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، لسد فجوة الكهرباء المتزايدة وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، مشيرًا إلى أن "هذه القطاعات تمثل ركائز عملية للتنمية المتوازنة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي".

وأكد الوزير أن الحكومة تولي القطاع الخاص دورًا محوريًا في إعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتعمل على خلق بيئة تشريعية ومؤسسية جاذبة للاستثمار، مشددًا على أن "تعافي اليمن لن يتحقق بالمساعدات فقط، بل بالشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص والاستثمار الإنتاجي المستدام".

أشادة دولية

من جانبه أشاد  نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ريكاردو بوليتي بالإصلاحات التي تنفذها الحكومة اليمنية والتزامها بتحسين بيئة الأعمال. مؤكداً التزام مؤسسة التمويل الدولية بمواصلة دعم القطاع الخاص في اليمن من خلال تمويل المشاريع، وتقديم المشورة الفنية، وتوفير أدوات خفض المخاطر.

وأعرب بوليتي، عن تقديره لصمود القطاع الخاص اليمني في ظل الظروف الصعبة. مشيرًا إلى أن المؤسسة ملتزمة بالعمل مع الحكومة والقطاع الخاص لتحديد الفرص الاستثمارية ذات الأولوية في القطاعات كثيفة العمالة. موضحًا أن نهج مجموعة البنك الدولي الواحدة يهدف إلى تقديم حلول متكاملة تجمع بين دعم السياسات والإصلاحات من البنك الدولي، والاستثمارات الخاصة من مؤسسة التمويل الدولية، وضمانات الاستثمار من الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.

وأشار إلى أن محفظة مؤسسة التمويل الدولية الحالية في اليمن تشمل استثمارات بقيمة 15.9 مليون دولار في قطاعي الأغذية والصحة. معربًا عن استعداد المؤسسة لتوسيع محفظتها في قطاعات أخرى واعدة تسهم في خلق فرص العمل ودعم التعافي الاقتصادي.

شراكة متجددة 

وفي سياق متصل، رحبت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن باستئناف مشاركة صندوق النقد الدولي في اليمن، بعد انقطاع دام أحد عشر عامًا، معتبرة ذلك إنجازًا مهمًا يعزز جهود الحكومة في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.

وقالت البعثة في بيان نشرته على منصة "إكس" إن الاتحاد الأوروبي عمل بشكل وثيق مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين لتحقيق هذا التقدم، مؤكدة أن الاتحاد سيواصل تنسيق جهوده مع الصندوق والمؤسسات الدولية لدعم برامج الحكومة اليمنية وتعزيز المشاركة الدولية في دعم التنمية الاقتصادية.

ويرى مراقبون أن تزامن عودة اهتمام مؤسسات التمويل الدولية مع جهود الحكومة اليمنية في الإصلاح الاقتصادي يعكس مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي على دعم اليمن اقتصاديًا، بما يهيئ الأرضية لتجاوز الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ويفتح الباب أمام مرحلة انتقالية نحو الاستقرار والنمو المستدام.

آفاق جديدة 

ويُتوقع أن تسهم التحركات الأخيرة بين الحكومة اليمنية ومؤسسة التمويل الدولية وصندوق النقد الدولي في إحياء الثقة بالاقتصاد اليمني، وتشجيع المؤسسات الاستثمارية على العودة التدريجية إلى السوق اليمنية، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية ذات الأثر الاجتماعي.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الحكومة على تحسين بيئة الأعمال، ومكافحة الفساد، وتفعيل الشفافية في إدارة التمويلات الدولية، مع توفير حوافز حقيقية للمستثمرين المحليين والأجانب.

وبينما لا تزال التحديات كبيرة، فإن رسالة باذيب في واشنطن بدت واضحة: اليمن ليس فقط بحاجة إلى المساعدات، بل إلى استثمارات تبني المستقبل وتستعيد كرامة الإنسان اليمني عبر العمل والإنتاج، وهو ما جعل اللقاء مع مؤسسة التمويل الدولية نقطة تحول مهمة في رؤية الحكومة لتجاوز اقتصاد الإغاثة نحو اقتصاد التنمية المستدامة.