حولها الحوثيون إلى ثكنة عسكرية.. تهجير مستمر لأهالي حرض وميدي منذ 7 سنوات
السياسية - منذ ساعتان و 14 دقيقة
تحت خيامٍ مهترئة في أطراف مديرية عبس بمحافظة حجة، تعيش آلاف الأسر اليمنية المهجرة من منطقتي حرض وميدي على وقع انتظارٍ طويل للعودة إلى منازلهم التي حُرموا منها منذ سبع سنوات، بعدما حوّلتها ميليشيا الحوثي الإيرانية إلى ثكنات عسكرية وممرات لتهريب الأسلحة والمخدرات عبر البحر الأحمر، في واحدة من أكثر القصص الإنسانية إيلامًا في شمال اليمن.
ويصف نازحون من المنطقة حالهم بأنه "نفي قسري من أرض الأجداد"، بعدما أُجبروا على مغادرة قراهم ومزارعهم إثر سيطرة الميليشيات على حرض وميدي، وتحويل المنازل إلى مواقع عسكرية مغلقة محاطة بأسلاك وأسوار تمنع الأهالي من الاقتراب.
ورغم توقف المعارك منذ أكثر من سبع سنوات، فإن الأهالي لا يزالون ممنوعين من العودة، يعيشون الفقر والمرض في مخيمات تفتقر لأبسط الخدمات الإنسانية، بينما تبقى أراضيهم الخصبة ومنازلهم على مرمى البصر منهم.
يقول نازحون من حرض: "بيتي هناك، ولكني لا أستطيع الوصول إليه، لا يسمح لنا بالعودة والعيش فيه باستقرار بدلًا عن الخيمة التي أقطن فيها وسط ظروف ومعاناة قاسية، في قريتنا كنا نعيش بخير وكرامة حتى تم تشريدنا بالقوة ".
الصحفي علي جعبور وصف استمرار تهجير قطاع واسع من أبناء حرض ميدي في حجة بأنها جريمة تطهير عرقي مسكوت عنها. قائلاً: "بعد عامين من المعارك عاد سكان قطاع غزة إلى أرضهم، وإن كانت محروقة، لكن أحدًا لم يمنعهم من العودة، لا حماس ولا إسرائيل. في اليمن، في (قطاع) حرض ميدي تحديدًا، انتهت الحرب فعليًا قبل سبع سنوات، لكن سكان هذا القطاع لا يزالون مهجرين وممنوعين من العودة إلى أرضهم ظلمًا وإرهابًا".
وأضاف جعبور أن الميليشيا الحوثية "حوّلت مدينة حرض إلى ثكنة عسكرية وممر لتهريب الكبتاجون والممنوعات إلى السعودية”، مشيرًا إلى أن “في ميدي وأجزاء من حرض، استغل الإخوان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم كممر آخر للتهريب، واستولوا على المنازل والممتلكات، واستبدلوا السكان الأصليين بالعسكر".
وأكد جعبور أن ما يقارب مليون إنسان هجّروا قسرًا من مساحة تبلغ نحو 144 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل نصف مساحة قطاع غزة ونصف عدد سكانه، دون أن تلتفت الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية إلى هذه المأساة.
مصادر محلية في حجة أفادت بأن ميناء ميدي والجزر القريبة منه تحولت إلى نقاط نشطة لعمليات تهريب السلاح والمخدرات القادمة من إيران، بإشراف مباشر من قيادات حوثية.
وتشير التقارير إلى أن تلك الأنشطة تُدار تحت غطاء بحري يُمنع المدنيون من الاقتراب منه، في حين يُستخدم الميناء أيضًا لتمرير السلع التجارية المهرّبة بما يدرّ أرباحًا ضخمة تموّل بها الميليشيا أنشطتها العسكرية.⁴
ورغم التحذيرات الأممية المتكررة من تفاقم الأزمة الإنسانية في مخيمات النزوح بمحافظة حجة، لم تصدر عن الأمم المتحدة أو منظماتها أي بيانات تطالب صراحة بعودة المهجرين إلى مناطقهم، أو بإخلاء تلك المناطق من الثكنات العسكرية. ويشير ناشطون إلى أن هذا الصمت "يسهم في إطالة معاناة آلاف الأسر، التي باتت تعتمد على المساعدات الإنسانية المحدودة كمصدر وحيد للبقاء".
يقول أحد النازحين من ميدي: "لم نطلب سوى العودة إلى أرضنا.. لا نريد شيئا من أحد، فقط أن نفلح مزارعنا ونعيش كما كنا". غير أن هذا الأمل ما يزال بعيد المنال، مع استمرار احتلال الميليشيات للمناطق الساحلية وتحويلها إلى قواعد مغلقة، وغياب أي تحرك فعلي من المجتمع الدولي لإنهاء هذه المأساة المستمرة منذ سبع سنوات.