محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

من طالبان إلى الحوثي.. السعودية والتقليد الأمريكي

Monday 09 August 2021 الساعة 08:53 am

بعد سنوات طويلة من الحرب في أفغانستان خاضتها الولايات المتحدة الأمريكة ضد تنظيم القاعدة، ذراع حركة طالبان، ها هي اليوم تترك البلاد فريسة لطالبان التي وجدت نفسها أمام غنيمة كبيرة وجائزة أهدتها أمريكا لها، وذلك بعد الانسحاب من أفغانستان. 

تتساقط المناطق الأفغانية واحدة تلو الأخرى في يد طالبان، لم تترك القوات الأمريكية أملا في ردع هذه الحركة وإيقافها، على الرغم من سنوات الحرب الطويلة ضدها، وعلى الرغم من المفاوضات العديدة في محاولة لكسب ودها وإخضاعها للعملية السياسية التي تحمي أفغانستان من التطرف والانزلاق في أتون حرب أهلية. 

المصير الأفغاني للمجهول لن يؤثر على أمريكا، إلا في حدود ما يتعلق بسمعتها التي اهتزت في تعثرها عن تحقيق سحق طالبان، لكن على المستوى الأمني والجغرافي، فإنه لا حدود مشتركة بين البلدين، حيث تفصل بينهما عشرات الدول والحدود، مما يقلل من أي تأثير أو اختراق أمني على أمريكا، لكنها تركت خلفها حلفاءها الأفغان يواجهون مصير الموت والانتقام الطالباني.

من أفغانستان إلى اليمن ومن أمريكا إلى السعودية، تخوض الأخيرة حرباً ضد حركة الحوثي على حدودها الجنوبية، ومنذ سنوات ورغم فارق الإمكانيات بين السعودية وحركة الحوثي، إلا أن المصير الأمريكي تواجهه الآن السعودية مع اختلاف كبير بين السعودية وأمريكا.

السعودية في اليمن كانت قادرة ولا زالت، على إنهاء السيطرة الحوثية على البلاد، ويستعيد اليمنيون دولتهم وبلادهم، لكنها لم تتوفق بحلفاء محليين جاءت لمساندتهم للعودة إلى صنعاء أولاً ولحماية حدودها ثانياً، حيث أنها اعتمدت على شرعية فاسدة وقادة عسكريين حوّلوا الحرب إلى تجارة للموت، مما جعلها الآن تبحث عن مخرج منطقي من المواجهة. 

انسحبت أمريكا من أفغانستان ولن يؤثر ذلك على حدودها لأنها منعدمة، لكن السعودية التي تحاول الخروج من الحرب ضد الحركة الحوثية دون تحقيق نتائج تحميها في حدودها، هو خطأ لن تمنع المفاوضات أو الوعود الحوثية من وقوع الكارثة على السعودية في المستقبل.

بدون كسر الهيمنة الحوثية في شمال اليمن عسكرياً، لن تتمكن السعودية من تأمين نفسها من خطر المواجهة مع إيران، ولن تستطيع أن تخلق في جنوبها حدوداً مستقرة.

الأسلوب الذي استخدمته أمريكا مع طالبان، لا ينفع أن تستخدمه السعودية مع الحوثي، لأن الارتباط الجغرافي هو العامل المؤثر الذي يجب أن يكون في الذهنية السعودية، ومهما رأت المملكة في أن المفاوضات قد تحميها في حال مكّنت الحوثي من حكم الشمال، فإنها تبني لنفسها ثغرات من خلالها يتم تقويض أمن المملكة.

يجب على السعودية أن تتخلص من حلفائها في اليمن "الشرعية الفاسدة" وإعادة ترتيبات الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي، والتمسك بتحرير صنعاء بمساعدة اليمنيين المقاومين للمشروع الحوثي، واستعادة الدولة اليمنية ومن ثم حل كافة القضايا والملفات بما يرتضيه الناس في الشمال والجنوب.. بدون ذلك لن تتمكن السعودية من تأمين نفسها من خطر الحوثي ومن ورائه الإرهاب الإيراني.