صنعاء التي كانت أم اليمن لا تقبل واحدية المعتقد والمذهب والرأي، ولا تقبل أن تكون أسيرة بيد جماعة بعينها، هي اليوم أسيرة جماعة متطرفة، تكسوها "خِرق" لون واحد، هو لون الجماعة الحوثية التي تدنس مقام النبوة وميلاد النبي بأقبح أفعالها وفرض سطوتها على الناس، وتحويل صنعاء إلى مدينة موحشة.
لم تكن صنعاء يوماً عاصمة تجرفها الضغائن، إلا بعد أن غزاها الحوثي وتمكن من مفاصلها حتى نخرها من الداخل وأصبح يتحكم بها بالقوة، يريد أن يكون النبي هو الاسم المستعار لما يقوم به من أفعال لا تمت للنبي بأي صلة، وإنما هي السياسة والحرب وحشد المغفلين للقتال والدفاع عن سلطة الحوثي في صنعاء.
باسم النبي يفرض الحوثي على الناس دفع الأموال وتزيين المحلات والشوارع، وتحويل صنعاء ليلاً إلى سراج أخضر بالقوة، من أجل تحقيق رغبة سياسية والتمظهر بالقوة أمام الآخرين، وإظهار قوة سلطته على رقاب البسطاء الذين يحبون النبي بقلوبهم لا بفرحة سلطة الحوثي.
يصدق الناس بحبهم للنبي محمد لأنه نبيهم وقدوتهم، ويحبه الحوثي وأتباعه كذباً لأنه باسم النبي يقومون بجباية الأموال وسرقة الناس، وفرض التزيين والحضور بالقوة، وأي حب يُفرض بالقوة هو وهم وحب كاذب، حب تفرضه قوة السلاح، ولا ينبع من الصميم.
تدرك صنعاء ويدرك الناس أن الحوثي يستخدم النبي كاسم مستعار للتحشيد واستخدامه في السياسة وتثبيت ركائز الحكم، ويدرك الناس حقيقة ما يدعو إليه الحوثي باسم الدين والنبي، لكن التجاوب مع هذا الاسم المستعار هو نتيجة البطش والهيمنه وقوة السلاح، وأن الاحتفال بهذه الطريقة لا يتعلق بالنبي، وإنما بسلطة الحوثي.
ما يقوم به الحوثي باسم النبي، له ردة فعل معاكسة في الوعي المجتمعي، كلما أوغل الحوثي في تكريس الطائفية والنهب والبطش وتكريس حكمه وسلطته باسم النبي وجد الجيل الصاعد نفسه أكثر ابتعاداً عن النبي ورسالته، لأن ما يقوم به الحوثي يتنافى مع القيم والمبادئ التي يفترض أن تكون للنبي فعلاً، لا يمكن أن يكون النبي والإسلام هو ما يقوله الحوثي، وإلا فتركه يصبح ضرورة من أجل الحياة.
صنعاء تبدو كدولة طائفية، لا علاقة لها بالإسلام ولا بالنبي، دولة تحارب معتقدات الناس وارتباطهم بالنبي، من أجل تحويل ذلك الارتباط إلى أن يكون علاقة بينهم وبين الحوثي، يعني إذا أنت تحب النبي فعليك أولاً أن تحب وتعلن الولاء للحوثي، وإلا ليس هناك حب يتجاوز عتبة الحوثي.
مؤسف أن تبقى صنعاء أسيرة ودولة طائفية، بينما كانت هناك القدرة والإمكانيات لإعادتها أماً لليمن، لكن الفساد الإخواني الذي يتحكم بالشرعية في فندق بالرياض، سلب كل تلك القدرة، بل وأمد الحوثي بمستلزمات لصناعة الدولة الطائفية وإخضاع الناس وسلب ولائهم لها، ويبقى النبي هو الاسم المستعار لصنعاء الطائفية.