محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

بيروت يا وجع العرب

Saturday 08 August 2020 الساعة 03:06 pm

بيروت ناصية المدن العربية، وبهجة الساحل الأبيض، ودرة الشام التي أفاقت على صراع الإخوة، وحروب التجارة الدينية، تاريخها القريب دامٍ، وأيامها مرصعة بجماجم أبنائها البسطاء، هي ناقدة الرخو العربي في مرحلة سابقة، وناقلة حبال الحداثة للعرب ليعبروا من غفوتهم، أصابت كثيراً وفتحت ذراعيها للتنوع، وأخطأت كثيراً في قبول هويات دخيلة عليها، تجرعها ويلات من الحروب.

لم تهدأ بعد بيروت من شيطنات السياسة وتجارة السياسيين فيها، ولم تتخط قيود وتبعات كورونا، ولم تتجاوز انهيار الاقتصاد الذي يسحق المواطن اللبناني ويهتك حقه في العيش والحصول على لقمة الخبز بكرامة، حتى كان الانفجار الكبير في مرفأها، فأسقط مابها من بعض الوقوف في الحياة، وأسقط ما تعلق في جدرانها من فرح كان يغني للفقراء، كواجب عليه في مواساتهم.

في بيروت السياسة نخاسة العملاء، والسياسيون نخبة تتهافت على السلطة وبتمويل أجنبي، وجماعات متطرفة تريد أن تكون الدولة داخل الدولة، وميليشيات تهدم أركان الدولة وتسحق النظام وتتغنى بسلاحها وتتفاخر بانتمائها لإيران، بل وتقسم على الولاء الكامل للعمائم السوداء في طهران، المجتمع طبقة من الفقراء تعبت من طول الركوع للنخبة السياسية، طحنها الجوع والوقوف عند براميل القمامة.

لا يمكن أن تكون بيروت جميلة كما كانت في عهد الشام، وهؤلاء الذين حملوا بنادق التوحش من اجل السلطة يمسكون بتلابيبها، النخبة السياسية هي أخطر شيء على لبنان، وأكثرها فظاعة وخطراً هي جماعة حزب الله، لأن هذه الجماعة تعتبر لبنان متنفسا للعمائم الطهرانية، وقاعدة لتنفيذ الأجندة في الوطن العربي.

ليس هناك من يجمع مواد متفجرة بهذا الحجم المهول في ميناء مدني غير حزب الله، لأنه لا يبالي ببيروت وأبنائها، ولا يشعر بالأسى حتى لو دُفنت المدينة ومُحيت عن بكرة أبيها، هذا الحزب المتطرف من أجل إيران يبيح دماء اللبنانيين، يرفع شعار المقاومة ويذبح الأبرياء.

بيروت وكأنها ولاّدة الحروب، ومنشأ الصراعات، لم تهدأ من لعلعة الرصاص ودوي المدافع، حولتها النخبة السياسية فيها إلى نقطة سوداء في التاريخ، نخبة تبيعها في سوق العمالة، لكنها برغم ذلك تصارع وتقاوم هذه النخبة الفاسدة، تحاول أن تبقى على قيد الحياة، ولن تركع بيروت.

يا بيروت.. ميليشيات طهران تخنقنا وتستبيح دمنا، اشلاؤنا متكومة عند أسوار مدننا، موانئنا ملغمة بهدايا إيران، لستِ الوحيدة المعلقة على مشنقة الخميني، صنعاء وبغداد على نفس تلك المشنقة.

بيروت لكِ السلام الذي نفتقده في صنعاء وبغداد، لكِ المحبة التي سرقتها عمائم طهران ومجندو الإخوان، بهذا الانفجار الكبير الذي أضاف أوجاعا إلى أوجاعنا، كبرت به أحزاننا وغشتنا غيوم الألم وكدنا نختنق من هذا الوضع المريع..