محمد عبدالرحمن
المكلا.. هتاف الحشود تخنق الإخوان على ماسورة النفط والمدفع
تخوض المجتمعات مراحل كفاحية للوصول إلى تحقيق آمالها وغاياتها في العيش وترتيب الحياة وإدارتها، والمجتمع في حضرموت كان له صوت نضالي منذ زمن يبحث عن مسامع تصغي له وتؤمن بأن له حقاً في إدارة نفسه وله نصيب في ثروته، لكنه كان يواجه آلة تخرم لسانه وتطيح به في سكوت مُذل، والآن تجاوز تلك المرحلة وقال: ها أنذا.
حشود المكلا قالت إن حضرموت لا بد أن تستعيد صوتها، ولا بد أن تجتاز خطوط الشرعية التي ردمتها الرياح بغبار حوافر دبابات الإخوان، ولا بد أن يتوقف العبث الذي طال أمده في الحياة اليومية للمواطن الحضرمي، حشود صاغت ملامح مرحلة جديدة، ورفعت صوتها من أجل إنهاء سيطرة جحافل الجنرال الأحمر على الحياة والثروة في حضرموت.
لم يكن يتوقع خصوم المجلس الانتقالي أن يخرج الناس بحشود كبيرة، خنقت حناجر الإخوان وأخرست ادعاءاتهم أن الناس يرفضون أنفسهم ولا يثقون بها لإدارة شؤونهم، اختنق الناس بالإخوان وفسادهم طيلة السنوات الماضية، وفي يوم واحد خرج الناس في المكلا فاختنق الإخوان، وأصيبوا بذعر من هتاف الناس ضدهم وإنهاء الفساد والسيطرة على الثروة التي يشرف على نهبها جنرال الإخوان علي محسن.
المكلا وغيرها من المدن في الجنوب أو الشمال، من الطبيعي أن تخرج وترفع صوتها ضد الشرعية التي خانت العهد وتخلت عن الناس وباعت حياتهم للجماعات الإرهابية كالإخوان والحوثي، وفتحت حربا من أجل أن تمارس بها ومن خلالها الفساد وتنفيذ مشاريع دموية لها صلة بتركيا وإيران، وللناس كل الحق أن ترفض بقاء الشرعية أداة بيد الإخوان، لأن خنجر الغدر لا يزال يمزق المجتمع.
الحشود الكبيرة قبل أن تجد حاضنة سياسية لأحلامها التي اجتمعت وتكوّنت وتبلورت في تحرير حضرموت من الهيمنة والفساد، كانت تبحث عن وعاء يحتويها، حاولت جماعة الإخوان إيجاد وعاء تحت مسميات هزيلة في محاولة لخداع الناس، لكنها فشلت في ذلك، واستمرت الجماهير في النداءات حتى تكوّن المجلس الانتقالي فاحتوى الناس وحمل مطالبهم العادلة.
سواءً كان الانتقالي موجودا أو غير موجود، كانت الحركة الطبيعية لأبناء حضرموت هي أن تتكتل وتعبّر عن نفسها، وتنفجر في وجه المدافع والجحافل الإخوانيه وتقود نفسها في تنظيم شؤونها، لأن الحرب لم تترك مجالا لحماية الناس والمدن إلا إذا كان الناس هم فعلاً من يحمون أنفسهم ومدنهم وبإرادتهم الذاتية.
حضرموت أنهكتها السيطرة العليا، لم تلمس الشعور الذاتي بوجودها ككيان اجتماعي قادر على التعبير عن ذاته وطموحاته، لأن تلك السيطرة كانت تخدع حضرموت تارة بنواة الدولة الإتحادية وتارة بقيادة اليمن الجديد، وتارة بالعاطفة السياسية التي تتحدث عن وداعة الناس ولطفهم وأخلاقهم، وتارة بشوكة الميزان بين الشمال والجنوب، لكن الخداع كان زمنه قد ولى، وأصبح اليوم في المكلا صوت يحفر طريقه لإسقاط الهيمنة والسيطرة العليا.
الحرب لها نتائجها، ولا يمكن أن تعود الأمور إلى ما قبل اندلاعها، في كل محافظة وجدت نفسها أن الحرب والإخوان والحوثي سلبوها إدارتها وإرادتها ومواطنيها، لها الحق أن ترفع صوتها بالمقاومة، وصوتها في كبح جماح هذا الثلاثي الذي أشعل أهمية الشعور والإحساس بالكيان الذاتي لكل محافظة ومدينة وقرية، ليتوقف هذا الجنون والاستنزاف لحياة هذا البلد.