في عام (1920م) قال الكاتب "البولندي فيز لار بروجنسكي": ما فائدة كسبك للمعركة، إذا كنت قبلها قد أهنت من يكتب التاريخ؟ وباعتقادي أن هذه الجملة كانت تكفي ليتغلب أصدقاؤنا ممن امتهنوا الصحافة على العروض المالية المشبوهة والملوثة التي تأتي بكعبين ناعمين.. لكن في الحقيقة أن قصر الوعي وعدم فهم هذه الطريق جعل اليوم أصيل سويد ضحية.
في تاريخ 17 مارس 2020، سافرت أنا وحمزة وأصيل وأمجد واسامة، عدن.. كان حينها من أجل التصوير والتوثيق والمشاركة في جثمان القائد الجمهوري عدنان الحمادي.
في الطريق تحدث أصيل عن المغامره التي منحته نظرة شاملة للحرب اليمنية من خلال ما رصدته عدسته في المعارك الحاصلة بالحدود اليمنية السعودية، بعيدا عن ما كان يفكر به صديقه في بيع مواد التصوير للجزيزة أو لغيرها.. وقناعة أصيل في هذا الأمر، جاءت على لسان مرزوق في توضيح أخير نشر على صفحته قبل يومين.
تابع أصيل حديثه وهو منزعج من تصرف صديقه مرزوق أو رفض رفضاً قاطعا نشر الفيلم الذي لم يكن يعرف حينها بأن مرزوق قد باع المواد للجزيزة إلا من خلال البرومو الذي عرض على القناة تحت عنوان "الموت على الحدود".
أضاف أصيل مؤكداً "أن نشر التوثيقات لم تورد في أي اتفاق بيننا، حتى قناة الجزيزة التي لم تكن حساباتنا مهما كانت المبالغ التي ستدفع لنا، لان حساباتها وسياساتها لا تقل عن قناة المسيرة إلا بماركة الباروكات ورابطة العنق التي يرتديها / ترتديها المذيعات والمذيعون ذوو التوجهات الواضحة والمعروفة المنحازة للانقلابيين.
بعد حديث مطوّل قال أصيل إنه بصدد رفع رسالة إلى قناة الجزيرة لإيقاف عرض الفيلم ليس من أجل المال، ولا من التصرف الذي قام به مرزوق ــ وهو تصرف مخزٍ وسلوك مهين بمهنة الصحافة وبحق زميله ــ، وإنما لقناعته في رفض نشر المواد، كون جزء من التصوير تم بثقة متبادلة بينه وبين الأشخاص الذي التقى بهم، بما في ذلك، الوعود التي قدمها للبعض في عدم نشر هذه المواد.. مضيفاً؛ بأنه سيسلك الطريق القانوني في مواجهات مرزوق عبر بوابة النقابة.
ثلاث أيام في عدن قبل وأثناء تشييع جنازة الكبير عدنان الحمادي، أخذت من اصيل الوقت، وهو ما حال بينه وبين كتابة الرسالة إلى قناة الجزيزة، حتى تم عرض الفيلم، ليجد أصيل تحت سمائه ملبدة بغيمات الخيانة والخذلان والقهر والقلق والخوف.
اليوم مرزوق ليس بالضروره ان يكون متهماً في اخفاء أصيل ــ إلى ان تظهر الحقيقة ــ ولكن كان عليه بالضرورة احترام قناعة صديقه في رفضه لنشر المواد التي وثقها حتى لا يتعرض للخطر.
وموقف مرزوق غير المدرك له من خلال كتاباته وهو اعتباره أن الرأى العام المتضامن مع أصيل وضعه في (دائرة المشاركة) باختفاء أصيل، وليس موقفا أخلاقيا وانسانيا من المجتمع تجاه نفسه في رفض لهذا الفعل الاجرامي الدخيل على مجتمعنا، مع أنه من الطبيعي ان (يسخط) الناس فيه أو يتهمه، حتى يثبت مرزوق العكس بذلك، أو بعودة أصيل بسلامة الله ليخبرنا بالحقيقة. أنا والجميع مما كتبوا أو يهمهم أصيل، نتمنى لمرزوق كل خير وليس بيننا وبين ما يجعله يفكر أننا اعداء له، لكن في المقابل على مرزوق أن يكون شجاعاً بما فيه الكفاية لازاحة الشكوك عن نفسه ويطلع يتكلم بفيديوا أن أصيل لم يكن على علم بأن التصوير لقناة الجزيرة، واني ــ اي مرزوق ــ قام ببيع الفيديوها والصورة لقناة الجزيرة دون علم أصيل بذلك.. ولا يعتبر مرزوق أن هذا فضل يتوقع اننا سنشكره عليه، ولعل هذا أقل ما يستطيع ان يقدمه لنفسه أمام الناس.
تقول اسرة اصيل حسب ما نُشر في صفحة أسامه سويد اخو أصيل أنه بعد ما نشر الفيلم "ظل اصيل يتلقى تهديدات طوال الفترة الماضية. وظل مختفيا ويتنقل بين تعز وعدن لابعاد نفسه عن اي رقابة أو مخاطر في ظل استمرار التهديدات"، لكن صديقنا مرزوق لم يقل ما إذا كان قد وصله اتصالات أو تعرض لتهديدات، بعد ما نشر الفيلم، حتى تفهم أسرة أصيل ما يمكن فهمه في سبب اختفاء ابنهم، كما أنه سيكون جواباً شافيا لسؤال أورده الصديق مرزوق في صفحته حين قال: "إذا كان الصديق اصيل سويد هو مطلوب امنيا ما هو الإثبات بأن اصيل سويد مطلوب بسبب الفيلم الذي عرض على قناة الجزيرة"؟
أخيرا.. أقول وبدلا من ضياع الوقت في صفحات التواصل الاجتماعي، ينبغي على مرزوق الجلوس مع اسامة سويد وبعض المقربين والمتابعين للقضية، على الأقل يتفقون أن مصدر الخطر واحد ويتحركون مع بعض في متابعة الجهات المختصة، لعل هذا التقارب يزيل بعض الخيوط من أمام أعيننا جميعاً.