الخوف والرعب من ديسمبر أجبر ميليشيات الحوثي على استعراض القوة في شوارع صنعاء وأزقتها، وتشديد القبضة الأمنية بشكل مكثف، حاول الحوثي أن يعطي رسائل للناس بمدى القوة والسطوة التي يمتلكها، والتي سيستخدمها تجاه كل من يريد الخروج في ذكرى انتفاضة ديسمبر.
كانت الشوارع لا تخلو من مسلحيه وعسسه الذين يرقبون كل شاردة وواردة، بعد تحذيرات متواصلة في وسائل التواصل الاجتماعي من مغبة الخروج والتظاهر السلمي، هذا الأمر أتاح له استعراض قوته وإظهارها بشكل يوحي بعجز الناس عن مقاومة كل هذه القوة والجبروت، مما يجعلهم يذعنون ويقفون أمام أنفسهم بلا أمل أو حلم من التحرك ولو سلمياً.
تعز لا تختلف عن صنعاء، فالمدينة التي تكبلها ميليشيات الإخوان تمنعها من التنفس، حيث ديسمبر تعز الذي أيقظ هدير ثورة فيها بعد أن سُقيت بدم الشهيد الحمادي، أجبرت ميليشا الإخوان على استعراض القوة وفتح المعسكرات والتهديد بأن أي ثورة ضدها فإن الأمر لن يكون إلا بسحقها.
تستعرض جماعة الإخوان قوتها وتجمع عناصرها في معسكرات خاصة ليس لتحرير تعز من الحوثي، وليس كذلك لتوحيد الصف الجمهوري كما ينادي بعض المغرر بهم، وليس للبحث عن قتلة الحمادي البطل الجمهوري، وإنما لسحق كل ما له علاقة بالحمادي من معسكر وأفراد وجنود وطمس كل شيء له صلة بجيش نظامي ليس له عدو إلا الحوثي.
صناعة الميليشات هي تجارة رجال الدين والفكر المتطرف وتتكامل في ذلك أجندات خارجية تبحث عن موطئ لها في اليمن، تعيق كل جهود من أجل عودة الدولة أو تحرك تحت مظلة الجمهورية، أو تحريك لتوحيد كل القوات في إطار جيش نظامي حقيقي بعيداً عن الأيديولوجيا الدينية المتطرفة بشقيها الحوثي والإخوان.
تنهمك صنعاء في دهشة القوة المفرطة التي يستعرضها الحوثي، وتمتعض تعز من تحرك الإخوان بقوتهم في الاتجاه الخاطئ بعيداً عن إنقاذها وإظهار تلك القوة لترهيب الحوثي بدلاً من السير نحو اللا شيء عدا تعميق جروح تعز وإذابة مدنيتها وسحقها عند أقدام الفكر المتطرف.
لا يمكن لهذه الاستعراضات المبيتة أهدافها أن تخدم المجتمع، إنها في خدمة مشاريع إرهابية، تخاف شيئاً اسمه المدنية، والجيوش النظامية، والعيش المشترك، وحرية الرأي والتعبير، وتخاف شيئاً اسمه الوطنية.
إنها استعراضات مجوفة تريد أن تبقر بطون الحوامل اللواتي لم يجدن ما يأكلن في ظل نظام الميليشيا، وتستهدف كل القوات التي تبحث عن حياة للناس الذين سُلبت منهم حياتهم ودينهم ووطنهم.