محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

العلم الجنوبي.. دماء خضبته جنوباً ومعارك تعمّده شمالاً

Tuesday 12 November 2019 الساعة 10:12 am

تحت الراية الجنوبية خاض أبناء الجنوب معركة تحرير مدنهم وقراهم من الإرهاب الحوثي الذي دخل إليها بقوة السلاح وسطوة الفكر وظلاميته في العام 2015م، سقط في تلك المعركة مئات الشهداء الجنوبيين مدافعين عن بيوتهم التي سقطوا عند عتباتها، متخندقين بأرضهم وبفكرهم وبعدالة وحتمية الدفاع المشروع أمام الهمج القادمين من جبال الشمال.

خاض الجنوب معاركه الطويلة وليس له إلا العَلم الثابت بما يدل عليه من قضية جمع أبناءه تحت ظله وتقدموا صوب التحرير والتعبير عن كيانهم الذي طمر لفترة من الزمن تحت مسميات ليس لها قاعدة صحيحة، وإن كانت غايتها نبيله، تجاوزوا مرحلة مريرة وكان هو الرمز الذي يشير إليهم وإلى انتصاراتهم وأوجاعهم وأحلامهم في عدالة متساوية.

وتحت رايته أيضاً خاض الجنوبيون معركتهم الثانية من التحرير في أغسطس الماضي وإخلاء عدن من العناصر المتطرفة التي تحمل بذرة الإرهاب بالصبغة الإخوانية التي تتخفى خلف رداء شرعية هادي، هذه المعركة هي جزء لا يتجزأ من معركة التحرير ضد الحوثي.

القضية أياً كانت لا بد لها من الرمز الذي يعبر عنها ويدل عليها ويجمع الناس ويحشدهم لمناصرة القضية التي يعبر عنها، وكانت القضية الجنوبية تحمل علمها كرمز يدل على وجودها في المعارك وميادين القتال، ومعبر عن أهم قضية في الأزمة اليمنية التي تحولت إلى أزمة مجتمع يبحث عن هوية له وخاصة في الشمال الذي أصبح بلا هوية وطنية.

وسط كل هذا السقوط للدولة وجد الجنوبيون أنفسهم بلا حماية وبلا وطن وبلا قضية، وبأطراف تتنازع الاستحواذ عليهم وأعينها على الثروات، فما كان منهم إلا أن حملوا علمهم ونهضوا بقضيتهم وامتلكوا السلاح فقاتلوا وقوة المنطق فدافعوا، وكانوا جنوبيين لأرضهم وقضيتهم.

لم تكن هناك دولة تمنع عنهم سياط الحوثي وهو يدك مدنهم وقراهم، لقد سقطت صنعاء ومعها الدولة ولم يعد هناك إلا الخراب والبحث عن الهويات التي تعبر عن كل جماعة وجدت نفسها بلا كيان أو إطار يضمن بقاءها، أسقط الحوثي صنعاء وأسقط علم الوحدة ورفع شعار هويته الضيقة، وكان يريد أن يفعل ذلك في الجنوب لولا المقاومة فيه أسقطته سريعاً.

لماذا يرفض البعض العلم الجنوبي وهو الذي عمل على حماية الجنوب وأمنه واستقراره؟! بعد كل الدماء التي سالت في شوارع الجنوب تحت هذا العلم يريد اليوم بعض أطراف الشرعية أن يسقطه دون مبرر منطقي إلا لأهداف خاصة وأيديولوجيات تعادي الجنوب وكل اليمن، وترى هذه الأطراف أن لها الحق في الجنوب وهي التي تركته وحيداً وهربت خارج البلاد

اليوم أيضاً من يقود معارك الضالع في اتجاه الشمال هو العلم الجنوبي وتحت رايته أبناء الجنوب، يستبسلون دفاعاً ويزأرون هجوماً ويسقطون مواقع الإرهاب الحوثي دون تذمر أو تخاذل، في الوقت الذي يبيع الإخوان مديريات بأكملها للحوثي تحت راية الوحدة التي يتغنون بها، يقدم الجنوبيون تضحيات كبيرة في المعارك التي تتجه صوب الشمال، في الوقت الذي تحشد قوى الإخوان أتباعهم لمهاجمة الجنوب وفض أمنه واستقراره تحت راية الوحدة.

تحت راية العلم الجنوبي تُسكب الدماء من أجل الناس وأمنهم، في الوقت الذي تنتشر استثمارات وتجارة الإخوان في تركيا ويتعاظم فسادهم تحت راية الوحدة.

لا تزال الحرب قائمة ولا تزال صنعاء تعلن الانفصال السياسي والثقافي والفكري عن الهوية اليمنية التي تعبر عن الشمال، ولا تزال تجارة الحرب مزدهرة في قوالب الإخوان وليس هناك من يعبر عن الهوية الحقيقية للمعارك صوب صنعاء إلا المقاومة الوطنية في الساحل الغربي ومعها القوات المشتركة والمقاومة الجنوبية تحت رايات مختلفة وهدف واحد هو صنعاء.