اتفاق الرياض إذا تم تنفيذ بنوده بشكل كامل دون اجتزاء سيمثل نجاحاً كبيراً للجنوب ومستقبله وأمنه واستقراره، ويمثل مرحلة جديدة في مسار الحرب اليمنية ونقطة تحول تعيد الأمور إلى نصابها وتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الشرعية طوال الفترة الماضية.
اليوم أسطوانة الاحتلال الإماراتي التي أدوش الإخوان الناس بها تنهار أمام إعلان الإمارات مغادرة جنودها وعودتهم إلى بلادهم، وتسليم عدن إلى السعودية التي سنرى قريباً خروج أسطوانة الإخوان الجديدة بتسميتها "الاحتلال السعودي" وخاصة عندما يجدون مصالحهم الشخصية تتهاوى في الجنوب.
عدن في الحضن السعودي وليس هناك بعد اليوم أي مبرر للإخوان يستخدمونه لتبييض فسادهم وفشلهم، شماعة الإمارات ذهبت وتركت ذكراها الطيبة في قلوب الناس بما قدمته من خدمات كبيرة لهم، وبقي الإخوان في عتوهم وتخبطهم في ظل انفضاحهم وسقوطهم أمام الرأي العام.
تحقق للجنوب ما أراده بمساعدة الإمارات، وعمدته باتفاق الرياض، ولا يهم إن غادرت قواتها وأحلت القوات السعودية بديلاً عنها، فهي جاءت لتحقيق الأمن والاستقرار لعدن والمساهمة في محاربة الإرهاب والتطرف، وبعد أن حققت أهدافها هي تغادر والشكر والثناء عليها تلهج به قلوب الناس.
في خضم هذا الاحتضان الجديد لعدن، تبقى صنعاء يتيمة في حضن طهران، فهل سينطلق الجميع بعد عودتهم إلى عدن نحو صنعاء وانتشالها من المخالب الإيرانية؟ أم أن النوايا التي لا تزال تعتبر حرب الشمال مصدراً للثراء والتكسب وتحقيق الأهداف الخاصة بشخصيات معينة وجماعات معينة!!
صنعاء إذا لم تكن هي الوجهة القادمة للشرعية والسعودية فإن ما تم إنجازه من خلال اتفاق الرياض سيتم بعثرته بأول صاروخ نحو قصر المعاشيق قادم من كهوف الحوثي الذي يتربص بالجميع دون استثناء.
اتفاق الرياض سينجح في تطبيع الحياة جنوباً، لكن الجنوب سيبقى مهدداً من ناحية الشمال، وسيبقى اتفاق الرياض ناقصاً إذا لم يتم توجيه البندقية شمالاً لاستئصال الشجرة الحوثية الخبيثة، والتهديد الدائم للجنوب وللسعودية بالدرجة الأولى.
لا يمكن التنصل من بند في الاتفافية وهو محاربة النفوذ الإيراني، لم يعد هناك نفوذ إيراني يمثل تهديداً حقيقياً إلا في الشمال، الشمال الذي يديره صهاينة إيران وذراعها الذي يفتك بكل قيم المجتمع، وبفكرها المشحون بالموت لكل من يخالفها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
الخطر الأولي والنهائي على السعودية لا يتمثل في الحدود الشرقية لها من إيران، بل الخطر هو ما يأتيها من الجنوب، الحوثي هو الإيراني الذي يحمل عقيدة إيران الشيطانية وسلاحها الذي يضرب المملكة ويساهم في إضعافها، ولا يمكن أن يتخلى الحوثي عن فكرة زوال المملكة، لأن أجندته الدينية وفكره مبني أساساً على زوالها، والاستحواذ على الأماكن المقدسة، وهذا هو الغاية الإيرانية من أجل التحكم بالعالم الإسلامي والسيطرة عليه.
لا بد أن تكون صنعاء هي المرحلة المقبلة، والحديث عن الحل السياسي هو مجرد صوت بلا صدى، الحوار مع الحوثي لا يكون إلا تحت الضغط العسكري من أجل أن ينجح الحوار، أما ما يتم تداوله عن مشاورات مع الحوثي من تحت الطاولة، هي محاولات لشرعنته وإبقائه خنجراً في خاصرة اليمنيين وفي الخاصرة الجنوبية للملكة وتهديداً دائماً لها.
استعادة صنعاء ليس بالأمر الصعب عندما تكون هناك إرادة للتخلص من المخالب الإيرانية، لكن هذه الإرادة لا بد أن تكون جماعية من كل الأطراف المناهضة للمشروع الإيراني، أما أن تتوافر هذه الإرادة لدى طرف واحد وبقية الأطراف الأخرى تعيقه من التحرك نحو صنعاء فهذا الأمر سيجعل من صنعاء مستحيلة.