تعز المدينة التي تقاوم الإرهاب المتحصن في شوارعها والإرهاب المحيط بها فارضاً عليها حصاراً أشد من حصار إسرائيل على غزة في فلسطين.
يستهوي الحوثي فرض عنصريته التي يتحصن خلفها ويميز نفسه عن بقية اليمنيين، ولكن في تعز فإنه يجد فرصة لها ثقلها في تكبيد عنصر الوئام والتعايش خسارة تطوي صفحات ما قبل فرض حصاره على المدينة منذ العام 2015م، يحيطها من كل جانب ويمنع أهلها من الدخول أو الخروج إلا عبر منافذ فرعية يعبرها السكان عبر طريق وعرة ولمدة ساعات طويلة.
لا شيء وفق المنطق العقلاني يبرر فرض حالة الحصار على المواطنين ومنعهم من دخول مدينتهم، عدا النظرة العنصرية التي يحملها الحوثيون تجاه أبناء تعز والمناطق الوسطى والجنوبية، إنه يعتبرهم مجرد أشخاص لوثتهم الأفكار المدنية الغربية، وتأثروا بطفرة التعليم وأصبحوا أكثر مدنية ووعياً وأكثر رفضاً لمنطق الخرافة والاستعلاء والعنصرية التي يزرعها الفكر الإرهابي الحوثي على طول امتداد الشمال.
يخوض التعزيون معركة مع الألم والتعب والإنهاك في عبور الجبال والوديان والطرق الوعرة للوصول إلى داخل المدينة، ويدفعون الثمن باهظاً بسبب الحصار وغلق المداخل، وكأن الحوثي يجد في ذلك نصراً على المواطنين العُزل وتأديبهم لرفضهم لفكره والانصياع لسلاليته التي يحملها عفن الخرافة بالأحقية للحكم والسلطة.
حصار السبعين يوماً الذي فرضه الإماميون عقب ثورة 26 سبتمبر المجيدة على صنعاء ومنع دخول التموين الغذائي لأهلها وقصف المنازل بالمدافع من الجبال المحيطة بها، يتجدد اليوم في حصار تعز وبنفس الآلية والفكر الكهنوتي والعنصرية على أيدي الإماميين الجدد، الذين تطال قناصاتهم بطون النساء الحوامل ورؤوس الأطفال والعجائز، ويقصفون بيوت المواطنين بالمدافع والصواريخ دون رادع ديني أو أخلاقي يمنعهم عن استهداف المواطنين العُزل، إنه التاريخ يعيد نفسه.
في مقابل حصار الحوثي للمدينة، هناك ميليشيا الإخوان تعربد داخلها وتنشر إرهابها وبلطجتها وتعبث فيها، وتستخدم السلطة المحلية غطاءً تستتر خلفه، وتبرز أنيابها لتكتمل حلقة الإرهاب والرعب في المدينة المحاطة بسياج الحوثي والمتعثرة بسطوة الإخوان وميليشياتهم داخلها.
تمنح ميليشات الإخوان الرضا المتبادل مع جماعة الحوثي، فهي لا تهاجمهم وتفك الحصار ولا تجرؤ على أن تفتح بوجههم زناد بنادق التحالف العربي المخصصة لقتالهم ودحرهم، بل إنها تتقاسم معهم الذخيرة والسلاح وإيرادات المدينة وضرائبها، وتشترك في مداهمة المنازل وسرقتها بالإكراه وخاصة في مناطق التماس، مع منح الحوثيين وعدهم بعدم دخول المدينة، وتركها للإخوان، وهنا نجد حالة الاكتمال للمصلحة المتبادلة بين جماعات الإرهاب في تعز لتدفع المدينة وسكانها ثمن هذا التحالف بين قطبي الإرهاب.
في موازين السياسة يستخدم الحوثي حصار تعز ورقة ضغط في أي مشاورات للحل السياسي، للحصول على مكاسب سياسية، لأنه يدرك بأن ليس له حاضنة مجتمعية فيها ثقافية أو مذهبية، فهو يساوم بأوجاع التعزيين ومدينتهم ليحقق مكاسب في مناطق أخرى أو نصراً سياسياً على أي مستوى.
ويستخدم الإخوان تعز كمصدر لنهب المال والسلاح من السعودية باسم محاربة الحوثي، ومصدر لثراء بعض القيادات وممارسة النهب والتلاعب بالوظيفة العامة ومحاولة تحويل معسكرات الجيش إلى مقرات لميليشياتهم واستبعاد القوات النظامية بل وتقوم بقتالها يساندها في ذلك الحوثيون.
تلازمية وتشابك مصالح الحوثي والإخوان يجعل من الحصار أهم عامل يساعدهم في التحكم بالمدينة وببقاء المعركة بعيدة عن الطرفين وتحويلها إلى مناطق أخرى يحاول الإخوان السيطرة عليها مثل التربة وغيرها من المديريات التي يتواجد فيها ألوية من الجيش لا تخضع لهم، وهنا لا بد أن تتدخل القيادات العسكرية الوطنية وتقوم بواجبها لفك الحصار وإنهاء مظاهر السلب والنهب والإرهاب داخل المدينة.