فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

من قال إن حزب الإصلاح إخوان مسلمون؟!

Sunday 18 August 2019 الساعة 07:06 pm

أما قبل.. إن هذا المقال كُتب عشية السبت 17 أغسطس/آب 2013، ولم ينشر حينها، وأرى أنه ما زال حياً.. وأما بعد:

حزب التجمع اليمني للإصلاح ليس جماعة الإخوان المسلمين بعينها في اليمن.. هناك حالات ومواقف يعتبرها المغرضون وأعداء الدعوة الإسلامية، والعلمانيون والملاحدة، شهادة تعدل شهادة أبي هريرة على أن حزب الإصلاح جماعة إخوانية.. والمسألة ليست كذلك لو تأملتم في المكتوب تحت.

منذ تهيأت العوامل الخارجية لحكم المرشد في مصر قبل نحو عامين وحتى أمس القريب استنفر حزب الإصلاح للدعاية لأنموذج الحكم الذي قدمته جماعة الإخوان الأم في بلاد الفراعنة، وللدفاع عن رجال الجماعة الذين حكموا مصر أخس حكم وفي مقدمتهم محمد مرسي.. فهل هذا دليل على أن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين؟ لا.. إن ما يقوم به حزب الإصلاح مجاملات ليس غير.

اليوم عندما طفح الشعب المصري بإرهاب الجماعة وتحرك ضد حكمها وأسقطه، رأينا التالية أسماؤهم قد استنفروا كلهم في يوم واحد هو يوم الأربعاء الماضي 14 أغسطس 2013: فحزب التجمع اليمني للإصلاح أصدر بلاغاً صحفياً قال فيه إن صمود الثوار في الميادين هو من يصنع النصر في مصر، والدماء الطاهرة التي تسكب في ميدان رابعة العدوية وميدان حي النهضة ستصنع التحول في الأمة أجمع، وإن هذه الدماء في رقاب كل من باركوا وأيدوا الانقلاب (وفي مقدمتهم السعودية طبعا)، وإن أي سكوت يعتبر مشاركة بالجريمة، وإنه يجب على أحرار العالم رفع أصواتهم لرفض الانقلاب السيسي ونتائجه (أي إعادة مرسي وجماعته للسلطة). فهل هذا السكب العاطفي والسياسي الحار شاهد على أن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين؟ لا.. لأن حزب الإصلاح أصبح اليوم حزباً حاكماً في اليمن، فلا يليق به أن يعادي دولة مصر وشعب مصر من أجل جماعة الإخوان المسلمين هناك، إنه بهذا البيان يمازح مزاحاً قارصاً فقط!

وفي في نفس اليوم أصدرت الكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح بياناً قالت فيه إنها على ثقة أن الإخوان المسلمين في مصر وأنصارهم لن ينهزموا وسوف ينتصرون، أما السيسي ومعاونيه فليس لهم إلا الخزي والعار في الدنيا والآخرة.. وإنها تعبر عن صدمتها للمجازر التي يرتكبها قادة الانقلاب العسكري الذين كشفوا وجوههم القبيحة، وإنها تدعو جميع العقلاء والبرلمانيين في جميع دول العالم أن يعملوا على إيقاف الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الجيش والأمن ضد المعتصمين المسالمين جدا. وإنها تدعو الشعب اليمني أيضاً للخروج في مسيرات احتجاجية استنكاراً لهذه الجريمة البشعة.. هنا أيضا سؤال: هل في بيان الكتلة النيابية لحزب الإصلاح أي شبهة تشير إلى أن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين؟ لا، حاشاه.

وأصدر الشيخ عبد المجيد عزيز الزنداني بياناً باسم هيئة العلماء الإصلاحيين التي يترأسها، دعا فيه اليمنيين لمساندة الإخوان في مصر بالخروج في مظاهرات حاشدة إلى السفارة المصرية بصنعاء تنديداً واستنكاراً لأفعال قوى الانقلاب السيسية التي عاثت في أرض الكنانة فسادا. وطالب الأمتين العربية والإسلامية بالخروج في مسيرات لتندد وتستنكر ما قامت به قوى البغي والإجرام والانقلاب تلك.. وفي البيان دان الصمت والتواطؤ والتعاون العالمي والإقليمي تجاه ما تفعله القوى الانقلابية بالشرعية الإخوانية في مصر (الشرعية في رابعة والنهضة خط أحمر)، وطالب جميع الدول والحكومات العربية والإسلامية وجميع الدول الحرة اتخاذ مواقف صريحة ضد القوى الانقلابية الإجرامية حتى تعود الشرعية الإخوانية إلى موقعها لتمارس مهمتها..

عند هذا سوف يقف المغرضون أعداء العمل الإسلامي ليقولوا إن هذا البيان هو الآخر دليل على إخوانية حزب الإصلاح، وإنه يؤكد أيضا إخوانية هيئة علماء الزنداني، فهل هذا قول صحيح؟ بالتوكيد لا.. لا يدل هذا على أي ارتباط فكري أو تنظيمي أو سياسي بين حزب الإصلاح وجماعة الإخوان الأم في مصر، يدل فقط على مشاعر إخوانية أو أخوية.. وحتى المقالات التي قالت فيها أم ثلث نوبل (توكل كرمان): لقد فقد الجيش المصري شرفه العسكري بمجرد فظه اعتصام شباب وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، ولم يعد سوى بقايا بلطجية وفلول وانقلابيين! فعضوة مجلس شورى حزب الإصلاح تملكها الغضب والحسرة على زوال حكم جماعة الإخوان، وقد ذكر المتحببون لها أمس أنها غادرت اليمن في طريقها إلى ميدان رابعة العدوية بالقاهرة توازر جموع جماعة الإخوان المسلمين باسم حزبها، حزب التجمع اليمني للإصلاح.

في الواقع، قتل بلطجية ومسلحو جماعة الإخوان المسلمين مئات من رجال الشرطة والجيش المصريين، وأحرقوا كنائس قبطية وما فيها، وعذبوا وذبحوا مئات الأبرياء بعد أن اقتادوهم إلى سجون أعدوها لذلك في رابعة العدوية والنهضة.. لكن لا ينبغي الارتياب من لحية الشيخ الزنداني المحناة، أو الشك في مصداقية حزب الإصلاح وهيئته النيابية عندما يبرئون جماعة الإخوان المسلمين الأم، وينسبون سكب تلك الدماء إلى قيادة الجيش المصري التي تدخلت لمنع حرب أهلية، كادت تندلع لو طالت المواجهة بين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة من جهة، وملايين المصريين الذين تظاهروا في ميدان التحرير وميادين المدن المصرية الكبرى، وحركة 30 يونيو التي ضمت كل أحزاب المعارضة لإسقاط حكم المرشد، من جهة أخرى.

ومن مكر خصوم حزب الإصلاح، أنهم لم يروا في المظاهرة التي نظمها الحزب يوم الجمعة الماضية إلى شارع جمال عبد الناصر في صنعاء، غير الجزء البراق من الصورة الإخوانية.. بينما حزب الإصلاح حشد أعضاءه وأنصاره إلى أمام سفارة جمهورية مصر في صنعاء ليهتفوا ضد الديكتاتور السيسي الانقلابي ولشرعية مرسي فحسب.. مظاهرة عادية كهذه يعتبرها الماكرون دليلا على أن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين، تباً لهم..

وحتى لما أطلق التجمع اليمني للإصلاح على يوم الجمعة الماضية مسمى ثوريا هو (جمعة الوفاء لشهداء الثورة المصرية)، قال خصومه إن أصوله وفصوله إخوانية.. فيالهم من مغفلين! إذ كل ما في الأمر أن الإصلاح أقام ثلاث صلوات رئيسية في كل من شارع الستين بصنعاء، وساحة الحرية في تعز وساحة الاعتصام في المنصورة- عدن، فألقيت فيها خطب طالب فيها شيوخ الإصلاح بإعادة الشرعي المشرع الدكتور محمد مرسي إلى السلطة، ومحاكمة الطاغية عبد الفتاح السيسي وكل العسكريين والمدنيين الذين قال الشيوخ الإصلاحيون إنهم شاركوا في انقلاب 3 يوليو.. وردد المشاركون في الصلوات هتافات ضد قوى الانقلاب العسكري والمدني، وهذا كل شيء.. ترى هل هذا شاهد عدل على أن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين؟ لا، لا، لا... كما لا ينبغي أن يقال إن حزب الإصلاح جماعة إخوان مسلمين لمجرد أن البيانات المذكورة وأخبار المظاهرات والصلوات احتفى بها الموقع الإخباري الرسمي لحزب الإصلاح (الصحوة نت) وكل صحف حزب الإصلاح ومواقعه الإخبارية، وتلك التي يمولها عضو مجلس شورى الحزب الشيخ حميد الأحمر.. فمن قال إن حزب الإصلاح هو الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين الأم؟