محمد عبدالرحمن
"حزب المؤتمر" من البكائيات والتشتت إلى المواجهة
اليوم يعيش حزب المؤتمر الشعبي العام حالة سياسية صعبة جداً إذا لم يستفق من حالة الإغماء التي أصابته بعد استشهاد رئيس الحزب وأمينه العام بعملية غادرة وبخيانة ونقض للعهود انتهجتها ميليشيا الحوثي ودأبت عليها طيلة الفترات السابقة منذ نشأتها، وتعود حالة الاتزان إلى بنيته الهيكلية، فإن المجريات الحالية ومخرجاتها المستقبلية ستتجاوزه ولن ينهض بعدها أبداً.
على مستوى القاعدة الجماهيرية للحزب نجد حالة من الترقب والانتظار الذي يصاحبه نوع من الاستكانة والتماهي مع ضغوطات جماعة الحوثي الإرهابية على المجتمع ككل وعلى أعضاء المؤتمر خصوصاً، باعتبارهم أنصار الزعيم وأنصار النظام السابق الذي دانت له البلاد بالاستقرار والأمن النسبي وحالة من التقدم في مجالات متعددة.
يتحمل أعضاء المؤتمر على المستوى الشعبي الضغوطات النفسية الموجهة عليهم، ويصارعون على البقاء في مرحلة التخلص من كل عضو ينتمي إلى المؤتمر في مؤسسات الدولة وتحييدهم عن المناصب الإدارية والقيادية، وحصرهم في زوايا ضيقة يعانون الأمرين ويكابدون من أجل الوصول إلى لحظة جمع الشتات وتوحيد قيادة المؤتمر وعودة الروح إليه.
القاعدة الشعبية للمؤتمر يفتك بها الحنين إلى تلك الأيام التي كانت تعبر عن نفسها كأغلبية سياسية، وتتوق إلى أيام الصراع السياسي والميكرفونات الانتخابية والترويج لمبادئ الحزب وميثاقه الوطني، إنها اليوم مقيدة بالصمت والبكاء الخفي رثاءً وألماً لاستشهاد رئيس الحزب والأمين العام، محاصرون من إقامة بكائياتهم علناً ومراقبون على الوقوف أمام صورة قديمة احتفظ بها أحد الجدران واستحسن مقاومتها لعوامل الطبيعة لتكون شاهدة على زمن الانتخابات والحرية المكفولة لكل مواطن وشاهدة على حالة التشظي وعودة الإمامية الحوثية برفقة الخلافة الإخوانية والشيطنات التي تكمم الأفواه.
إلى الآن لم يلمسوا توجهاً حقيقياً يعالج أوضاعهم -الأعضاء على مستوى القاعده الشعبيه- لا مؤتمر صنعاء المرتهن لجماعة الحوثي بسبب الإقامة الجبرية المفروضة على قيادته، ولا مؤتمر الخارج استطاع أن يوحد كلمته ويتفق على قيادة جديدة قادرة على النهوض بالحزب وتصعيده إلى مرحلة المواجهة والإمساك بزمام الإمور.
مؤتمر صنعاء يعمل بوظيفة ديكور يحمل الواجهة المدنية التي يشير إليها الحوثي في خطاباته وحديثه عن المدنية، لا يستطيع أن يدير اجتماعاً دون وجود مندوب للحوثيين، ولا يستطيع أن يصدر قراراً دون أن يمر على مكتب المشرف الحوثي، ولا يقدر على إقامة احتفالية خاصة بالحزب دون إشراف حوثي ورفع شعارات حوثية لا علاقة لها بمبادئ الحزب.
تقيم قيادة مؤتمر صنعاء تحت الإقامة الجبرية وتحركاتها في صنعاء محدودة وهواتفها مراقبة ومنازلها محاصرة، تأتمر بأمر مشرف الجماعة ولا تجرؤ على الخوض في مسائل تتعلق بالحزب ومصادرة قراره، أو على الأقل الضغط في المطالبة بجثمان الرئيس والأمين العام للحزب، أو الإفراج عن مخصصات الحزب المالية والإفراج عن المعتقلين بتهمة الانتماء للحزب وخاصة بعد أحداث ديسمبر.
لا تعويل على مؤتمر صنعاء ولا لوم عليهم، فالحزب مدني وليس لديه ميليشيات عسكرية مقاتله كتلك التي يمتلكها حزب الإصلاح المتطرف، ولا يملك القدرة على الصدح بصوت المؤتمر والوقوف في وجه الإرهاب الحوثي، إنه في حكم المسجون الذي نرى صورته ولا نسمع صوته.
وبالنظر إلى مؤتمر الخارج فإننا نجد اتجاهات مختلفة وقيادات تنظر من زوايا ضيقة، والأخطر من كل ذلك التربص الإخواني الذي يحمل الحقد والكراهية لكل ما هو مؤتمري أو بالنظام السابق، وهنا تتوحد جماعتا الإرهاب في اليمن حزب الإصلاح -الإخوان المسلمين- وجماعة الحوثي بالتربص وفكفكة حزب المؤتمر ومحاولة محوه من الخارطة الحزبية أو إضعافه إلى الحد الذي يجعلهم ينفردون باليمن والحكم والسلطه وبناء مشاريعهم الدينية الخاصة.
تعمل جماعة الحوثي على مؤتمر الداخل، بينما يتكفل الإخوان المسلمون بمؤتمر الخارج، كل هذا ولا تزال قيادة الحزب في تيهان كبير وانقسام يعزز من هيمنة حزب الإصلاح عبر الشرعية التي يسيطر عليها ومحاولة فرض الرئيس هادي رئيساً للحزب بالقوة في محاولة لهدم كل آمال المؤتمريين في عودة الحزب وتحمل مسؤولياته في ظل هذه الأوضاع التي تمر بها البلاد.
إن فرض هادي رئيساً لحزب المؤتمر هو بمثابة السقوط النهائي للحزب وموته سياسياً وفكرياً، وبعثرة قاعدته الشعبية على انتماءات ضيقة لا تحقق الهدف الذي كان يسعى إليه المؤتمر.
إن الفشل يلاحق هادي رئيساً للبلاد التي تركها للرعب والموت والجوع وغادرها، ولا يجوز أن يكون في رأس حزب كحزب المؤتمر الذي يعول عليه كافة الناس في إخراج البلاد من محنتها والقادر على تحقيق التوازنات الحقيقية ووقف الحصاد اليومي لأرواح اليمنيين.
قيادة مؤتمر الخارج إذا لم تتحد في صف مؤتمري واحد وتصعيد الحزب إلى مسرح المواجهات سياسياً واجتماعياً ويعيد مكانته فإن الأمور ستسير إلى ردم كل ما حققه الحزب من مكاسب عظيمة ومنجزات أوجدت اليمن على خارطة الدول التي تنتهج التعددية السياسية، حياة الحزب السياسية معلقة اليوم بين أقطاب قيادة الخارج التي يجب عليها أن تنأى بمصالحها الشخصية وتسلم بمبدأ مصلحة الوطن أولاً والتي يمكن تحقيقها عن طريق عودة الحزب إلى قيادة البلاد، يكفي تخبطاً وتيهاناً ويكفي نواحاً على جثمان المؤسس، نعم مات المؤسس لكن الحزب لم يمت وميثاقه الوطني لا يزال حياً، والمبادئ ما زالت تنتظر من يحملها ويكمل السير.
قواعد الحزب تنتظر الانفراجة وهي مستعدة للعمل الدؤوب من أجل مصلحة البلاد، وعودتها إلى مربع السلام والتعايش ودحر براثن التخلف والجهل ومخلفات الإمامة والخلافة اللتين أذاقتا المجتمع ويل الحرب والظلم والفساد.
اعطوا لقواعد الحزب الأمل الكبير لتتنفس وتتأهب، امنحوها قيادة قوية تركن إليها ولا تخذلها، قيادة مؤتمرية لا تساوم على المبادئ ولا تخضع أمام المغريات، قيادة تقاتل لا تتراجع في خوض المعارك الوطنية، مستعدة لتقديم روحها كما فعل الشهيد صالح والأمين الزوكا… إياكم أن يكون هادي رئيساً للحزب.
هيا انهضوا للمواجهة.. الكل ينتظركم.