إلى قبل عام وبضعة أشهر وتحديداً ما قبل انطلاق معركة الساحل الغربي كان الإعلام الحربي التابع للجيش الوطني التابع للرئيس هادي ولا يزال إلى اليوم يغطي إعلامياً الزيارات التفقدية التي يقوم بها المقدشي بين الفينة والأخرى إلى بعض معسكرات التدريب واجتماعات وكلاء وزارة الدفاع في مأرب ومناقشة الأوضاع المتعلقة بالرواتب والتغذية وكأن لا شيء هناك تسمى جبهات القتال، فعلاً ليس هناك جبهة قتال تقودها الشرعية فقد توقفت حتى أصاب الجنود الملل من الانتظار.
لم يحرك التوجيه المعنوي كاميراته وإعلامييه نحو توثيق تقهقرات الحوثي وانسحاباته من وسط المعركة في بعض الجبهات وهو هارباً مذعوراً وكأن ملائكة الموت تتخطفه من كل جانب، ولم يحرك أدوات التوثيق للجرائم التي ارتكبها في كل قرية ووادٍ ومدينة.
على الرغم من الإمكانات الكبيرة والإعلاميين الذين امتلأت كشوف المرتبات بأسمائهم وبمختلف الرتب التي يحملونها بقيت الشرعية كسيحة لا تتحرك وصماء لا تنطق إلا في مجالات التهريج في بعض القنوات المحسوبة على حزب الإصلاح وفي مواسم معينة ومختصرة في شهر رمضان.
إلى قبل عام ونيف وقبل معركة تحرير الساحل الغربي أشبع الإعلام الحوثي قنواته بمقاطع كثيرة تظهر أتباعه أسطورة لا تنكسر ولا تهزم، وحفاة لا تخترق جلودهم وكأنهم يجيدون اللعب جيداً مع المعارك ولا ينظرون خلفهم، وخلق القصص والأساطير التي يخلقونها محاولين كسب اندفاعية الجماهير والإيمان بهم كقوة خارقة.
لقد كانت أكثر تلك المقاطع خدعة سينمائية كما في الأفلام، وهي وسيلة المهزوم الذي يحاول تخفيف وطأة ومرارة العذاب في الجبهات، ولننظر إلى ما خسره الحوثي من جغرافية كان يسيطر عليها بكل مخالبه وأنيابه، وإلى عدد قتلاه الذين ازدحمت بهم المقابر وبعضهم التهمتم جبال ووديان قتلوا فيها ولم يعرف لهم أثر.
هزائم الحوثي في الجبهات لم يكن يرافقها توثيق، ولم يعرف الناس سقوط أساطير إعلامه حول أتباعه التي تتهاوى كأعجاز نخل خاوية.
ومع بداية تحرير الساحل الغربي فتح الإعلام الحربي للمقاومة عينه وكاميراته وانطلق برفقة الكلاشنكوف والمدفعية وأصبح يتقدم الصفوف الأمامية مقاتلاً يصنع الانتصار وموثقاً لتهاوي وسقوط ميليشيات الحوثي الإرهابية في كل قرية ووادٍ وسهل، يوثق كيف كانت الأرض ترفض مقاتلي الحوثي أن يطأوا عليها، وكيف كانت تستقبل جثثهم الجماعية لتفسح الطريق أمام رجال المقاومة لاستكمال المسير والتحرير.
تولى الإعلام الحربي للمقاومة مسؤولية نقل المعركة من الميدان إلى وسائل الإعلام في كل بيت في كل أنحاء اليمن وإلى العالم الخارجي الذي ظن أن لا شيء يقهر الحوثي أو يجعله يفر من الجبهات مبللاً بالدمع والخوف، وتمكن من كشف زيف وخداع الإعلام الحوثي والمغررين به وفضح نبوءة صمودهم أمام أعدائهم إلى درجة القتال بالحجارة.
مقاطع الفيديو التي تكشف كيف يتخاطف الموت مقاتلي الحوثي وتطاير جماجمهم خلف كل صخرة وشجرة وتساقط أجسادهم في كل مترس وطريق لها تأثيرها النفسي والمعنوي في نفوس المغررين بهم ومن لا يزالون مؤمنين بخرافة الحوثي أن مصيرهم الموت لا محالة إن ذهبوا للقتال، وكذلك في نفوس أبناء المجتمع، حيث ترتفع معنوياتهم وترتفع نسبة الأمل في القضاء على رجس الحوثي وفكره في كل منطقة من اليمن.
إن معركة تحرير الساحل الغربي ومعركة الضالع التي ما زالت تنكل بالحوثيين حتى هذه اللحظة صنعت تحرير الجغرافيا وسقوط أساطير وخرافة المقاتل الحوثي من مخيلة المجتمع والتي حاول إعلامه غرسها طيلة الفترة الماضية، سقطت وكأنها أوراق خريف احترقت لكن بنيران المقاومة وسلاحها الإعلامي الفتاك الذي رافق كل معركة في كل جبهة وفي كل منطقة.
إن الإعلام الحربي للمقاومة "المقاومة الجنوبية، حراس الجمهورية، ألوية العمالقة"، وسيلة جعلت كل الناس تراقب ما ستلتقطه الكاميرات موثقة انتصارات المقاومة وأبطالها الأشاوس وما ستبثه من مقاطع فيها يتلاشى المقاتل الحوثي ويصبح بلا جسد أو فراره تاركاً خلفه سلاحه والخرافة التي كان ينتعلها في عقله.
أصبح الناس يرون حقيقة ما يجري في الجبهات من التنكيل بقوات الحوثي، وأما الحقيقة الأخرى وهي ما يصنعه الحوثي في كل قرية ومدينة يسيطر عليها، فالناس يشعرون بها ويرونها تلامس حياتهم ومعيشتهم ويختنقون من عنجهية وعنصرية وطائفية الحوثي التي يحكم بها.
الناس أيضاً ترى كيف يفجر الحوثي منازلهم ومدارسهم وطرقهم منتقماً من كل مظاهر الحياة، وكأنه العدو الذي لابد أن يجعل وجه الحياة مظلمة، وهنا يكون الإعلام الحربي للمقاومة الوسيلة التي تفضح أعمال الحوثي لمن يشكك بكل جرائمه التي يرتكبها، فنراه متنقلاً بين القرى المدمرة والمزارع المحروقة وينقل صورتها وصوتها للعالم بقهر وألم وكأنها تقول: من هنا مرت جحافل الحوثي الإرهابية.