أحمد النويهي
تعز تنجو من كارثة بُعدها إنساني واقتصادي
نجا حي نادي الصقر الرياضي في قلب تعز من كارثة كبرى بعد احتراق باص "ديهاتسو" بشكل مفاجئ أمام محطة وقود، في لحظةٍ كانت تُوقد فيها شرارة الخطر بين المواطنين والمنشآت.
الحادثة، التي وقعت عند الساعة الثانية من ظهر الثلاثاء، كشفت عن ثغرات أمنية واقتصادية قد تُعيد النظر في إدارة المدن المكتظة بالسكان.
بينما كانت الشوارع تغلي بزحام السيارات، وجد سكان تعز أنفسهم أمام مشهدٍ مُرعِب: باص نقل داخلي يتحول إلى كرة نار في لحظة، بينما كانت أسطوانتا الغاز المُثبتتان في مؤخرته تُلقيان بظلالٍ من الرعب على الحضور. لو اشتعلتا، لكانت النتيجة كارثة بشرية لا تُحمد عقباها.
في الوقت الذي كانت فيه النيران تلتهم الباص، رفض أصحاب "الوايتات" التدخل لإخماد الحريق، بحجة أنهم "مشغولون بكسب العيش من معاناة الناس"، بحسب تصريحاتٍ غاضبة لبعض الشهود. لم يُطفأ الحريق إلا بعد إجبار أحد الوايتات على استخدام مياهه لاحتواء النيران، في مشهدٍ يُظهر تراجعاً في القيم المجتمعية وغياباً للتعاون في الأزمات.
اللافت للنظر أن محطة الوقود القريبة، التي كان من المُفترض أن تكون مُعدّةً للطوارئ، فشلت في استخدام طفاية الحريق بسبب تعطلها، ما أثار استياءً واسعاً من قبل المواطنين. "هذه ليست أول مرة نواجه فيها فشلاً في مواجهة مثل هذه الحوادث.
لم تقتصر الخسائر على الباص فحسب، بل شملت أيضاً سيارة مدير المشتريات الخارجية ببيت هائل، التي احترقت بالكامل عند مرور الباص بجانبها، لتفقد قيمتها تماماً. إلى جانب ذلك، تهدّد النيران التي امتدت لفترة قصيرة المحلات التجارية المجاورة، خاصةً معارض المفروشات، التي تُعتبر من أكثر الأماكن عرضة للاشتعال.
الحادثة، التي أعادت إلى الأذهان مخاوف المواطنين من تكرار كوارث مشابهة كالتي حصلت في وادي القاضي في رمضان المنصرم، دفعت إلى طرح سؤالٍ حاسم: هل تُعدّ تعز، التي تعاني من انهيار الخدمات الأساسية، مُعدّةً لمواجهة مثل هذه المواقف؟
خصوصاً في ظل غياب سيارات الإطفاء، وعدم صيانة معدات الطوارئ، ورفض المواطنين التفاعل مع المخاطر، كلها مؤشراتٌ على أن المدينة تسير على حافة الهاوية.
تعز تنجو.. لكن الثمن؟
في النهاية، تجاوزت تعز الحدث دون خسائر بشرية، لكنها دفعت ثمناً باهظاً في شكل احتراق سيارة مدير مشتريات كبرى شركة، وتضرر ممتلكات تُقدّر بملايين الريالات.
لكن الأهم، أن الحادثة كشفت عن ثغراتٍ تحتاج إلى معالجة عاجلة، قبل أن تتحول "الكارثة المحظوظة" إلى مأساة لا تُنسى.
نقاط مهمة
-احتراق الباص خلال ذروة الزحام يُظهر هشاشة الإطفاء المدني في مدينة مكتظة.
-وجود أسطوانتي الغاز في الباص يُثير تساؤلات حول الرقابة على مركبات النقل العام.
-تعطّل طفاية الحريق في محطة الوقود يُشير إلى إهمال الصيانة الدورية.
رفض أصحاب "الوايتات" الإطفاء يعكس أزمة ثقة مجتمعية في ظل انهيار الخدمات.
بينما تُواصل الجهات المسئولة التحقيق في أسباب الحريق، يبقى سكان المدينة يتساءلون: هل ستكون المرة المقبلة "كارثة" أم معجزة؟
الإجابة، كما يبدو، مرهونةٌ بقدرة سلطة الأمر الواقع على تحويل "النجاة" إلى درسٍ يستفاد منه.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك