حين قتلوا امرأة البيضاء جهاد الأصبحي قبل أعوام أربعة، دفنوا جريمتهم بلجنة وساطة لوقف التداعيات القبلية الاجتماعية، وحين ارتكبوا صبيحة (أمس) الثلاثاء، مجزرة رداع في ذات المحافظة، رفضوا أولاً الاعتراف بجريمتهم وعلقوها على شماعة (العدوان)، وتحت ضغط الرأي العام أقالوا مدير أمن البيضاء ورداع كقرابين، للالتفاف على غضب الناس وإعادة تلميع وتقديم القاتل الحوثي بصفة قاض عدل وملاذ لصون الحقوق.
الواقع أن من ارتكب مذبحة رداع هو النظام السلالي، منظومة وأفراداً، وأن من يجب أن يُحاكم هو رأس هذا النظام من المستوى السياسي الأمني الأعلى لا الذيول الأتباع، من يجب أن يُحاكم هو السياسة العنصرية وهذه التراتبية القبيحة في المواطنة، حيث في فقه السلالة لا يتساوى دم المواطن والسيد، القبيلي والهاشمي، ابن الشعب وسليل بيت النبوة، ثقافة تؤصل فقهياً استسهال سفك دم أبناء الشعب، وإزهاق حيواتهم بحرية مطلقة وفي منجاة من العقاب.
هذا الشعب في فقه السلالة جنس أدنى، وجِد ليعمل على رفاه السيد، وإطعامه وحمل السلاح للدفاع عنه، والموت في سبيل إسعاده، دم السيد لا يشبه دم أحد، وجميع الأرواح مباحة.
من يجب آن يُحاكم في مجزرة رداع ليس مدير أمن، بل منظومة اغتصبت الحكم، مزقت سكينة ونسيج المجتمع، وأعادت إنتاج طبقة السادة المرفهة وشعب من الأقنان العبيد.
الحكم ليس بيد الجلاد، والقاتل لا يمكن أن يأخذ بحق ضحايا المجزرة، هذا القاتل يجب أن تسقطه الجموع، وتعيد لإنسانيتها الاعتبار، تغادر القاع المهين، تتخلص من ربقة عبوديتها وتنتصر لذاتها ولحقها في الحياة.
هذه العبودية هي من تمنحهم جواز مرور صوب دمك.
من صفحة الكاتب على إكس