يأتي الرجل من الحوبان أو من أي مديرية خلف خط الحصار فتجد حديثه مختلفاً، طريقة تناوله للأحداث مغايرة، مخارج حروفه حتى، كما لو أنه من المهرة، وفي جيبه عملات مختلفة، كما لو هو من بيرو أتى زائراً بلاداً يصلها أول مرة وليس من مقبنة أو من شرعب، مخلافي ربما أو من ماوية، فتصاب بالصدمة.. وهول المفارقة بين تعز وتعز.. لا تعرف هذا الفرد البتة!
الحصار ليس ما نراه ظاهراً، فالقطيعة الممتدة لعشر سنوات بين أبناء مدينة واحدة أحدثت خللاً كاملاً في الاهتمامات، وفي القرابة، وبجغرافية العقل التعزي، فلم يعد يشعر بك وأنك بعض منه، ومقامه بمدينته بذهنية المار فقط، فهذه المدينة بعيدة عنه بطول عقد زمان.
الزيجات، قل منسوب المصاهرة بين الجانبين، وتلاشت القرابات، والصداقات بين هذا الجانب وذاك انتهت، وكل شيء يختلف، وبينما يفكر هو بضلع فاطمة أنت تفكر بشيء آخر.
سندرك مغبة الكارثة ذات يوم، بعد زوال كل شيء، ونحن لسنا واحداً ونعيش قطيعة ذهنية، ولو زال خط الحصار، نحتاج لقرن كامل كي نعيد لحمة وتفكير ومنطق الناس، فتعز الوحيدة تضررت في العمق بهذه الحرب، فالقطيعة كانت بين مدينة وأخرى، ولكن في تعز بين تعز وتعز.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك