محمد عبدالرحمن
"التغيير الجذري المرتقب" توطيد دولة الانفصال شمالاً
تسهب الحركة الحوثية في بسط نفوذها وتمكينه من كل مفاصل الشمال، فبعد أن هدأ أزيز الطائرات ولعلعة الرصاص في الجبهات، تحولت الجهود إلى مربع أكثر خطورة من المربع العسكري للسيطرة على الشمال وفصله عن بقية أجزاء اليمن، المتمثل في إعادة صياغة ملامح السلطة في صنعاء وتشكيلها بحسب المعايير التي أعلن عنها "الحوثي" في خطابه بمناسبة ذكرى إسقاط الدولة والسيطرة على صنعاء.
أشار الحوثي إلى ما أسماها الهوية الإيمانية والشراكة الوطنية كمنطلقات إلى التغيير الجذري الذي سيدشنه في خطاب مرتقب له يوم الأربعاء المقبل بمناسبة المولد النبوي، وعلى الرغم من توسع التكهنات بمحتوى هذا التغيير، إلا أن المؤشرات لا تخفي رغبته باستكمال السيطرة وإنهاء حالة الازدواج مع من يعتبرهم شركاءه في السلطة.
من المتوقع أن يؤسس الحوثي لمرحلة جديدة يسعى فيها إلى أن تتسم بالهدوء والتفرغ الكامل لتوطيد دولته وسلطته، وتزامن هذا الاندفاع بعد محادثات أجراها وفده مع السعودية، في الأسبوع الماضي، وكانت النتيجة هي الحصول على طمأنة بعدم وجود تصعيد عسكري قد يجلب الفوضى للحوثي ويغير مساره الجديد الذي يؤسس لتوطيد دولته.
في مقابل أن الحوثي يعمل دون كلل على فصل الشمال عن بقية أجزاء اليمن، من خلال سياساته المختلفة والتي سيعززها قريباً تحت مسمى التغيير الجذري، نجد حالة من اللا مسؤولية لدى الشرعية تجاه ما يجري، وعدم وجود ملامح خطة لتفادي كارثة قادمة تعيق تحرير الشمال واستعادة، وربما أن قيادة الشرعية تركن إلى مفاوضات مع الحوثي من خلالها تحلم باستعادة الشمال أو الشراكة، ولكن تبقى مجرد أحلام لا واقع، وهذا ما يؤسف المجتمع أن مثل قيادة الشرعية المعترف بها دولياً منشغلة بأمور شخصية لا تمس الواقع في شيء.
كل الإجراءات التي تتخذ في الشمال ما هي إلا توطيد للدولة الطائفية القادمة في صنعاء، والتي معها لن يهنأ الجميع بالأمن أو الاستقرار، ولن يكون الجنوب في منأى عن تداعيات وجود مثل هذه الدولة، ولن تكون السعودية وغيرها من دول الخليج بعيدة عن نتائج تشكيل هذه الدولة وبقائها، حتى وإن دخلت هذه الدول في اتفاق مع الحوثي في الوقت الراهن، فالمستقبل وإيران سيخلقان الأحداث والظروف لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.