بعيداً عن المناكفات، والمعارك العبثية الموجهة.. "تعز" مدينة مختطفة، من قبل "جماعة الإخوان"، "حزب الإصلاح"، منذ 2011م. خطفوها من يد "الدولة" أولاً، ثم خطفوها من يد "المقاومة" لاحقا، وجعلوا منها عاصمة لجماعتهم في اليمن.
ما الذي استفادته تعز في ظل هذا النظام البغيض؟!
لا شيء.!
ما الذي خسرته؟
كل شيء تقريبا: المدنية، الأمن، النظام، التعليم، الصحة، المؤسسات. الخدمات، النظافة، الثقافة, الصحافة.. والانفتاح والحريات السياسية والاجتماعية..!
وفي مقابل أنها كانت عاصمة للثقافة.. باتت وكرا للعنف والجريمة والفساد واللصوص والقتلة والمغتصبين.. وعاصمة للتزمت والتطرف والإرهاب..
كانت تعز أفضل مدينة في اليمن في جوانب كثيرة، وصارت اليوم هي الأسوأ على كل الجوانب.!
على أن أكبر وأهم شيء خسرته تعز. هو كيانها الواحد الذي تفتت إلى مجرد شظايا: مدينة منقسمة على اثنتين، ومحافظة منقسمة إلى أربع مقاطعات. محكومة بسلطات متباينة.
الانتقال من شارع إلى شارع، أو من مقاطعة إلى أخرى.. كالانتقال بين دولتين.!
ويزيد الوضع نكاية وتعقيدا قيام السلطات التي نتحدث عنها في "تعز الغربية"، بالتطبيع مع هذا الوضع الاستثنائي.
كانت معركة تحرير تعز جارية على قدم وساق، إلى أن قررت الجماعة إياها وضع حد لهذه المعركة. رفعت الطرابيل الزرقاء في خطوط النار بينها وبين الحوثي، واتجهت لتحرير المناطق المحررة.!
والواقع أنه لا يوجد في المناطق المحررة من تعز واليمن كلها، ما يستحق إعادة التحرير من "تعز الغربية". حيث يجثم هذا الكابوس على صدر المدينة الحالمة.
هذا واجب مقدس، وأولوية حاسمة، في القضية اليمنية ككل: استعادة هذه المدينة المخطوفة إلى "حضن الدولة".
بغض النظر عن الشعارات الزائفة. لم تعد للدولة سلطة ولو محدودة في هذه المدينة التي هي عمليا إمارة مستقلة تابعة لجماعة دينية، تدير التوحش فيها من خلال البلاطجة والعصابات المنفلتة عن كل سلطة وقانون.!!.
كانت سلطة الورع "غزوان" أكبر من سلطة رئيس الجمهورية منذ بداية المقاومة، وإلى أن قررت الجماعة خلع "غزوان"، فخلعها وانتقل بكل سلاسة إلى الجماعة الحوثية المسيطرة على النصف الشرقي من المدينة.
وهكذا سينتقل بقية زعماء العصابات منها في حال قررت دولة الشرعية فرض سيطرتها عليها، ولن تخسر تعز شيئا، بل على العكس، كما ربحت تعز برحيل غزوان، ستربح برحيل الآخرين، واستعادة ذاتها وكينونتها المستلبة.!