لننظر إلى المسألة من زاوية مختلفة: هذه الجماعة التي سيطرت على "تعز الشرقية"، كغنيمة حرب، وحولتها إلى ما يشبه "قندهار"، كانت حتى وقت قريب تريد محو "طارق صالح"، ومن إليه من الخارطة.
اليوم. اكتفت فقط بتسلل بعض عناصرها. ليلا، وإنزال وإحراق صورة "طارق"، المرفوعة عاليا في وسط المدينة.
هذا تقدم إلى الأمام.
قبل فترة، -وفي نفس الوقت الذي تصالحت فيه هذه الجماعة مع سيطرة "الحوثي" على "تعز الشرقية"، ورفعت "طرابيل" السلام على حدود التماس بين الجانبين- أذّنت للجهاد غربا لتحرير "المخا" من "الاحتلال الأجنبي" الذي يتزعمه طارق.!
كانت حينها ترفض بشدة مجرد سكن شخص من شمال الشمال، حتى في أرياف تعز المحررة، وبالذات من المحسوبين على المؤتمر وطارق.. كانت ترى –حسب التصريح الشهير لأحد أبواقها- أن هذا يهدد "الديموجرافيا السكانية" للمحافظة.!
اليوم لم يعد هذا الخطر الديموجرافي واردا، كثير من إخواننا اليمنيين من شمال الشمال، يسرحون ويمرحون بأمان داخل المدينة نفسها.
قبل أعوام رفضت هذه الجماعة بشدة قيام حزب المؤتمر في المحافظة بإقامة حفل بذكرى مؤسسه الزعيم "علي عبد الله صالح"، وأرسلت عصابة بلاطجتها التي سمتها "رابطة الجرحى" لتدمير القاعة وإفشال الحفل.!
اليوم لم يعد الرفض بنفس الدرجة من الشدة.. حتى إن بعض قياداتهم تترحم في لحظات الصدق مع النفس على النظام القديم وزعيمه.
قبل فترة اقتحمت عصابة مسلحة مقر "المكتب السياسي للمقاومة الوطنية" الذي يتزعمه طارق، في تعز..!
اليوم يقف المقر هادئا في المدينة، وتلتقي فيه قيادات المحافظة بمن فيهم بعض ممثلي الجماعة.
السؤال: هو ما السبب في تراجع الجماعة عن سعارها وتنمرها المعهود؟!
الجواب: إنها براجماتية انتهازية بلا حدود.
بالأمس. كانت تحتكر "الشرعية" وتتزعم "المقاومة"، وكانت تشيطن وتتعامل بسعار انتهازي مع كل شركاء القضية والسلاح المحسوبين على الأحزاب الوطنية والاشتراكية والقومية والدينية، وبالذات القوات المشتركة في الساحل الغربي:
"المؤتمر "دنق"، والاشتراكيون سفلة، والناصريون خونة، والانتقالي مرتزقة، وأبو العباس إرهابي، وعدنان الحمادي عميل، وطارق عفاش من أتباع النظام القديم، وعميل للإمارات.."
لم تكن تريد لأحد أن يشاركها في ما اعتبرته وليمة خاصة وغنائم حرب، ولم تكن تنجح، ولم تكن تريد لغيرها أن ينجح.. وبهذا الفشل قادت الشرعية والمقاومة إلى هاوية الضياع.!
اليوم. ومنذ أن فقدت جزءا كبيرا من حصتها في حكومة "الشرعية"، وأصبح "طارق" نائبا لرئيس مجلس القيادة، تغيرت لهجتها كثيرا تجاه الآخرين، بمن فيهم "طارق عفاش".
تم استقبال طارق عفاش بحفاوة رسمية داخل المدينة، وتسابقت بعض قياداتها للقائه، كما تتسلل بعضها إلى الساحل الغربي طمعا في نيل بعض الهبات.
وغدا –سأذكّركم- سيرفعون صور طارق صالح في كل مكان.
هذه الجماعة، كبقية فروع تنظيمها الدولي: لا حدود لبجاحتها وشروطها وهي في السلطة.. كما لا حدود لسقوطها وانبطاحها إذا أحست أن الأمور تخرج من يدها إلى آخرين.!