في ليلة ما غادر أهل الكهف كهفهم، أجبرتهم التغيرات على الخروج، لكن عشق الكهف بقي في أعماقهم.
بنوا بيوتا أحدث لكنهم جعلوا سقوفها منخفضة، وأبوابها واطئة وشبابيكها صغيرة.
حرصوا على إبقاء أضواء غرفهم معتمة وشحيحة تحاكي أضواء الكهف الذي يعيش داخلهم، ولعنوا في كتبهم المقدسة أولئك المنحرفين الذين يرفعون سقوفا أعلى لبيوتهم.
أصبحت لغتهم قديمة وغير مفهومة لكنهم أصروا على استخدامها لأنها في قناعتهم لغة أهل الفردوس.
وصارت عملتهم قديمة وغير قابلة للتداول لكنهم دافعوا عن قدسية عملتهم واتهموا كل العملات الجديدة بالزيف والتزوير.
لم تعد المشكلة كيف يخرجون من الكهف، بل كيفية إخراج الكهف منهم.
حاول أهل الكهف القدامى السير مع العصر الجديد الذي وجدوا أنفسهم فيه، فغيروا عملاتهم المعدنية وملابسهم ولغتهم.. أما أهل الكهف الجدد فيريدون تحويل العالم كله إلى كهف ليتناسب مع عملاتهم القديمة التي احتفظوا بها قبل النوم.
لم يعد الكهف ذلك المأوى الحجري الذي يحتوي أجسادهم ليلا، بل صار الكهف اتجاها عقليا واستعدادا نفسيا ووجدانا في أعماق نفوسهم.
لم تعد المشكلة كيف يخرجون من الكهف، بل كيفية إخراج الكهف منهم؟!!
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك