أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

نازحون على خطوط النار

Sunday 16 April 2023 الساعة 09:01 pm

تخطى معظم النازحين العام الثامن على التوالي دونما أمل في عودتهم يذكر إلى الآن إلى منازلهم. 

تدهس آلة الحرب بلا هوادة المدن والقرى والتجمعات السكانية أينما انتشرت كتل النار تذهب الكتلة السكانية للتكتل والتجمع على التماس منها وربما لم يعد النازحون بقادرين على الذهاب بعيداً بسبب إغلاق الطرق واتخاذها نقاط تفتيش تحقق في هويات وجينات العابرين. 

لجأت الأسر النازحة لأقرب جغرافيا لمنازلهم ظناً منهم أن بالإمكان العودة بعد حين وعما قريب. 

لم تساورهم الشكوك ولم تخامر عقولهم الظنون أن الشتات والنزوح سيطول أثره، لكنهم استيقنوا بعد مرور الأشهر الأولى أن لا جدوى من الانتظار على تماس خطوط النار. 

يتوجب الذهاب إلى أماكن أكثر أماناً، تناثرت الأسر شمالاً وفي الجنوب، كل بحث عن أقرباء له علهم يستضيفونه وعائلته، صار بعضهم نازحين لمرتين واكثر.

بين هاويتين..

تلقفتهم القرى والمدن، فتح الناس ابوابهم، تمكن البعض من إيجاد مثوى يبقيه على قيد الحياة لكن ذلك لم يستمر! 

 سيل القذائف يتدفق من كل اتجاه، وقعت الجهات وذهبت لتصبح جبهات تحتد فيها ومن خلالها أرتال المدرعات والأطقم المحملة بكل أدوات القتل والموت والدمار. 

اللجوء مرة أخرى.. 

المسافات تتزاحم والمساحات تضيق بين اكثر من نزوح، من الغرب إلى الشرق وسط حقول الألغام التي دهست الأرواح، ساق الناس غير آبهين بالمخاطر في لحظة ملاذ. ساقوا الأطفال والنساء وما استطاعوا إليه من حيوانات منزلية كان البعض يعتمد عليها في كسب قوتهم ومعيشتهم اليومية.! 

على قارعة الطريق.. 

نفقت الكثير من الحيوانات المنزلية والقليل منها في أقرب سوق يومي أو اسبوعي تم بيعها بأرخص ثمن علها تعينهم في العثور على مأوى يبقيهم على قيد الحياة. 

 سكان الصفيح.. 

مجموعات بشرية وكتل استيطانية وجدت نفسها منذ الأزل في مناطق تقع بالقرب من المدن والأسواق اليومية والأسبوعية واستمرت على هذه الحال حتى كانت الحرب تعيث بالمخيمات والصفيح، اشتعلت خطوط السير وازدحمت الأرصفة، خيموا في الحقول تلقفتهم الأمطار ومدارب السيول، وما زالوا يواجهون المخاطر وتفاقم الكوارث والأوبئة. 

منظمات المجتمع المدني.. 

يافطات عريضة وشعارات لم تحقق الحد الأدنى. 

برنامج الغذاء العالمي وطاولات مؤتمرات الاستجابة الإنسانية، مؤشرات المجاعة تتفاقم.

والمتابع لحديث الأرقام التي تتلقفها نشرات الأخبار عن المنظمات والبرامج سيلاحظ تصاعد دورة المجاعة وسوء التغذية.

بين حربين وأكثر..

ذهبت مليشيا الحوثيين لتحشد خزانا بشريا قذفت به في مهب العاصفة.

"كانت العاصفة رداً على الجائحة حين مثلت توازن رعب". 

لا ناجون تحت الانقاض.. 

أخذت مجريات الحرب تتسارع منذ اندلاعها حين شنت مليشيا الحوثيين حربا شعواء على مدن الجنوب وتعز لم تكن هي الأخرى بمنأى عن بنك الأهداف الذي رسمته وحددت مساره ما أطلق عليها قادة المليشيا "المسيرة القرآنية". 

صعدت المليشيا من حربها الشعواء ضد المدن والقرى على طول وعرض الخارطة إذ تموضعت على البر والبحر في تهديد واضح لحركة الملاحة الدولية. 

في العام الذي سبق اندلاع الحرب كانت الصحافة الدولية تنشر على المانشيت في جرائدها الورقية ما يمكن تسميتها قراءات مبكرة لحرب كانت جذوتها تشتعل منذ الحرب الأولى في شمال صعدة.

إذ أشعلت الحوثية فكرة "الاصطفاء الإلهي".

وعلى هذا النهج ذهبت ولم تعد في تأسيس مبدأ التهجير والتنكيل باليمنيين واستخدمت لهذا كل أدوات القوة المفرطة. 

صنفت الحركة الحوثية داخلياً وخارجياً على اعتبارها "حركة إرهابية".

وما زال هناك من ينتظر من المليشيا أن تتحول لتصبح دولة حين فرضت سلطة أمر واقع تتحكم بمصير العاصمة صنعاء وشمالها حتى صعدة بينما تقاتل في ميدي على البحر لتضمن وصول شحنات السلاح الذي تهربه إليها السفن الإيرانية.

 النزوح القسري حرب شاملة ويلقي بالأسر في جحيم وأتون معارك لا تنتهي في حقول ويوميات مفخخة بالعوز والفاقة والحاجة لجدار يأوي إليه الناس.