محمد عبدالرحمن
هل السلام ممكن إذا قبل الحوثي بالانضمام إلى المجلس الرئاسي؟
التسريبات الأخيرة لبعض وسائل الإعلام عن إمكانية أن تتوج المفاوضات السرية التي تجري في سلطنة عمان مع مليشيات الحوثي بتوقيع اتفاقية جزء منها يكون الحوثي ممثلاً في مجلس رئاسي يشمل كل الأطراف الفاعلة في الميدان، وأن توقيع هذا الاتفاق سيكون في الرياض أو في دولة خليجية أخرى قد تكون سلطنة عمان أو الكويت، هذه التسريبات ربما تكشف صورة من ملامح ما يتم التفاوض عليه، وقد تكون مقصودة لتمهيد الرأي العام لما ستفضي إليه نتائجها خلال الفترة القريبة.
حتى وإن كانت هذه التسريبات صحيحة، فهل الحوثي سيقبل أن يكون شريكاً في السلطة ويتخلى عن أحلامه بالهيمنة والتسيد والنظرة الدونية للآخرين، وهل يمكن أن يقبل بالمساواة والمواطنة والانتخابات كوسيلة آمنة للوصول إلى السلطة إذا ما افترضنا أن تشكيل مجلس رئاسي جديد للعبور بالبلاد من مرحلة انتقالية وصولاً إلى الانتخابات العامة، هل يمكن أن يتخلى الحوثي عن التهديد بالسلاح لفرض قراراته ورغباته على الآخرين بالقوة، كل هذه التساؤلات المنطقية تبحث عن ما وراء إذا ما قبل الحوثي المشاركة في هذا المجلس الجديد.
ليس بالسهولة أن يتخلى الحوثي عن الحرب ورغبته في الهيمنة والاستئثار بالسلطة والتفرد بها، وليس من المنطقي أن الحوثي سيقبل مشاركة الأطراف الأخرى في السلطة، لأن الوضع العام في الميدان لا يزال يخدم الحوثي ويعزز من تمسكه بالرفض عن مشاركته السلطة وتخليه عن الهيمنة بقوة السلاح، ولا تزال هناك قوة عسكرية قوية ممثلة بالصواريخ والمسيرات تهدد مصالح السعودية ودول الإقليم يستند إليها الحوثي ويهدد بها، بما يجعل دول الإقليم تذهب في ترك وسائل الهيمنة الحوثية إلى مرحلة أخرى يمكن التفاوض حولها بعد إبرام الاتفاق المزعوم وترتيب الأوضاع في الداخل اليمني استجابة للظروف الإقليمية.
إذا قبل الحوثي بالمشاركة في أي مجلس رئاسي يمكن تشكيله في الفترة المقبلة، فذلك مجرد تكتيك مزمن، سوف يجعل من ذلك وسيلة للاعتراف به طرفاً رئيسياً ويزيح عنه تهمة الإرهاب وفرض العقوبات، وبعد أن يحاول تحسين صورته أمام المجتمع الدولي فإنه سيعمل على زعزعة الوضع الداخلي الراهن والبحث عن الفرص في التمدد وفرض سيطرته على بعض المحافظات ذات الأهمية الاقتصادية مثل مأرب، وسيعمل على إحداث الفوضى والاغتيالات في مناطق سيطرته ليتهم الأطراف الأخرى ويؤجج الرأي العام ضدها، مما يسهل عليه القيام بخطوات تجاه الآخرين باستخدام الوسائل المختلفة.
أما في حالة عدم قبوله المشاركة في هذا المجلس فإن الأمر لن يختلف في حال وافق على ذلك، لأن الحرب هي منهجه ووسيلته لفرض هيمنته وسيطرته وإخضاع المجتمع، ولأن الحرب عقيدته التي بها يفرض أفكاره ويوسع من نفوذه، وفي كلا الحالتين فإن أي سلام قادم لن يكون إلا صورة رمزية فقط، ولكن الواقع لن يتغير ولا يمكن فرض سلام حقيقي إلا بعد كسر الحوثي وتحجيم نفوذه وقوته وسيطرته على المجتمع والسلطة، وبدون ذلك فهو عبث بمصطلحات السلام التي تعبنا من ترديدها طوال الوقت وفقط نحصد ثمارها ناراً على صدور المجتمع مصدرها بنادق الحوثي.