محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

العودة من رواية صنعاء.. هل من معركة قادمة؟

Tuesday 31 January 2023 الساعة 03:13 pm

انغمست الناس في حديث ليس له أصل سوى تكهنات من هنا أو هناك تبعث روح الأمل حول إمكانية صرف المرتبات، واستعادة جزء ولو بسيط من سد الاحتياج المعيشي الذي أصبح قاتلاً للحياة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية الإرهابية، وأمام هذه الحالة التي اتخذتها هذه الجماعة بشكل متطرف في التسويق الدعائي عن تمسكها بصرف المرتبات في مفاوضاتها التي تقول إنها مع السعودية، يقود هذا التطرف إلى كسب التفكير المجتمعي وتحويله إلى ثبات في الإيمان بأن فعلاً السعودية هي من سلبت المرتبات وتمتنع عن صرفها وليس هذه الجماعة الإرهابية.

الشوارع والمقايل وحتى الأحلام أصبحت لا تدور إلا في دائرة المرتبات، إنها حالة من الوجع الذي لا يطيب ولو كان صغيراً، وجع أخرجه من مخابئه في البيوت متستراً بثوب الحياء والتعفف، إلى فضاءات الحديث عن توالي تسريبات مدروسة بشكل كبير حول صرف المرتبات، لا أحد يخبر الجموع المتناثرة في صنعاء وما جاورها من المدن الشائخة في عز شبابها، عن الحقيقة التي توقف المزيد من السقوط في الوهم والأحلام الوردية لاستجلاب حقوق سلبها الحوثي وقياداته من جيوب اليمنيين.

صنعاء والرواية التي تتداولها في أزقتها ونوافذ بيوتها وعلى مآذن مساجدها، هي رواية حقيقية يكتيها على جلودهم، يقرأونها بثقل ألسنتهم، ولا يفكرون بأن هناك ربما تعود الحرب وتشتعل المعارك في جانبها العسكري، وليس أمامهم إلا أن يكونوا وقوداً يسوقه الحوثي إلى معاركه كما يفعل دوماً، لا يفكرون أن الحرب مستمرة بشتى وسائلها، وأن الحوثي يخوض هذه المعارك ضدهم وضد المستقبل والسلام والأمن والتعايش.

يقول البعض، وهو يزم أصابعه ليدلل على قوة ما يقوله، "يصرفوا الراتب ويطّحنوا إلى يوم القيامة"، يشكل هذا التأكيد أن الوجع وصل عمقه وأصبح يطحن في العظام، وأن الجوع يفعل فعائله ولا يتورع في أن يراعي الظروف، إنه الوضع المأساوي الذي يحدق بنا ويسلبنا من روح الحياة إلى ظلمة الموت في ظل معاناة قاسية، لا يسترق لها قلب الحوثي وقياداته، ولا يأبه لها النظام الإيراني وسياسته الاستعمارية التي يكرسها في صنعاء وما جاورها من المدن والمقابر.

نعم الناس تحتاج إلى المرتبات وإلى الحياة، ولكن في المقابل هم بحاجة إلى معركة قادمة حقيقية تطرق كل أبواب الشمال وتعبر إلى حيث أن يؤمن الحوثي وقياداته أن البلاد للجميع وأن الولاء لها أجدى وأنفع من أن يكون للعقيدة الإيرانية والمشروع الإيراني، بحاجة إلى معركة وطنية تعيد الحياة إلى الناس وإلى بيوتهم العامرة بالتعفف القاتل.