محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

توافد قيادات الحوثي إلى محافظة إب.. بواعث قلق أم مؤشر للتصدع؟

Thursday 12 January 2023 الساعة 08:21 am

لم تكن محافظة إب منذ سيطرة الانقلاب الحوثي على صنعاء وإسقاط الدولة فيها، ذات أهمية كبيرة للقيادات الحوثية على مستوى المسؤولية، في مقابل بروز الاهتمام بها من ناحية جباية الأموال والضرائب والزكاة، واستمرت هذه المحافظة في خانة التهميش والتخوين، وخاصة أن أغلب أبنائها لا يؤمنون بالفكر الحوثي ولم يتقبلوه، على الرغم من مجاراتهم للميليشيات الحوثية نظراً لاستقوائها بالسلاح والقوة المفرطة.

فجأة وبعد أن دخلت الحرب في اليمن مرحلة الهدنة، برزت الأهمية الكبيرة لمحافظة إب لدى القيادات الحوثية وبدأت تتوافد إليها تباعاً، وتتجول في مديرياتها، كانت أبرز هذه الزيارات لقيادات من الدرجة الأولى للقيادي أحمد حامد الذي يشغل مدير مكتب المشاط في صنعاء، حيث كانت زيارته في شهر سبتمبر 2022م واستغرقت حوالي شهراً كاملاً، حضر فيها العديد من الفعاليات الطائفية والمذهبية التي تحاول الحوثية تكريسها بالقوة في المجتمع.

بعد زيارة أحمد حامد تبعه في شهر ديسمبر المنصرم القيادي محمد علي الحوثي ابن عم عبدالملك الحوثي، وأخذ يتجول في مديريات المحافظة ويلتقي بالقبائل ويشرف على بعض القضايا، في مسعى من الحوثية أن تظهر بثوب المصلح والحريص على مصلحة الشعب ومحاولة لكسب ولاء أبناء المحافظة، وفي بداية يناير 2023م ظهر القيادي الحوثي مهدي المشاط في المحافظة مجتمعاً مع العديد من القيادات ومحافظي ذمار وتعز حسب ما نشرته وكالة سبأ التابعة للجماعة الحوثية.

تكشف هذه الزيارات المتتالية والمتعاقبة للقيادات الحوثية أن هناك أموراً خفية لا يستقرئها الرأي العام بشكل واضح، حيث إنه لم يسبق أن كانت هناك زيارات كهذه الزيارات المتتالية لتلك القيادات من الدرجة الأولى، حيث تكشف مثل هذه الزيارات أن هناك من ورائها احتمالات متعددة.

الاحتمال الأول: أن هناك بواعث قلق من انتفاضة كبيرة في هذه المحافظة وخاصة في هذا التوقيت الذي فيه تعاظمت درجة الاحتقان والسخط الشعبي الكبير تجاه الجماعة الحوثية وسياساتها القمعية، وكذلك احتمال آخر مرتبط ببواعث الخوف والقلق لدى الحوثية من محافظة إب، أنها قد تكون أول المحافظات التي سوف تشهد عملية انتفاضة وفتح جبهة قتال حال اقتراب المعارك منها وتقدم قوات المقاومة الوطنية من جهة الساحل الغربي بعد تطهير ما تبقى من محافظة تعز، بالتوازي مع تقدم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من اتجاه محافظة الضالع.

يظهر هذا الاحتمال أكثر قوة، وخاصة أن زيارة المشاط الى إب كانت برفقة بعض القيادات العسكرية من الصف الأول، مثل الغماري الذي يشغل رئيس هيئة الاركان العامة في مليشيات الحوثي، وكذلك القيادي أبو نصر الشعف والقيادي المقرب من عبد الملك الحوثي أبو يوسف المداني المسؤول عن جبهة الحديدة.

الاحتمال الثاني: قد يكون مؤشراً على حالة التصدع في القيادات الحوثية، وحالة الخلاف التي تظهر مؤشراتها تباعاً، حيث إن زيارة القيادي محمد علي الحوثي كانت بالنسبة للمشاط مزعجة للغاية، باعتبار أن الأول يحاول أن يجمع حوله الناس ويكسب شعبيتهم، ولذلك دائماً ما يسعى إلى أن يكون شعبوياً ومتواجداً بين الناس أكثر، على عكس المشاط الذي انزوى بعيداً وأصبح مهمشاً بدرجة كبيرة ولا صوت له ولا قوة على الرغم من موقعه الذي يشغله كرئيس للمجلس السياسي الأعلى.

يعتقد المشاط وفريقه المنحاز له أن محمد الحوثي يحاول أن يستعيد القوة، وأن يظهر للرأي العام على حساب صورة المشاط كرئيس، وأن يحاول أن يعزز سلطته ونفوذه من خلال كسب الشعبية، مما يجعله أكثر تأثيراً من غيره، وفي هذا الإطار يسعى المشاط إلى كبح الحوثي وأن يبرز هو كرئيس لديه سلطته ونفوذه.