محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

المخا الجديدة.. المدينة التي تنفض عنها غبار الحرب والتاريخ

Wednesday 14 December 2022 الساعة 07:50 am

الحرب في اليمن التي تشنها إيران عبر ميليشياتها الإرهابية والطائفية، أغرقت المدن اليمنية بالخراب والدمار، وحولتها إلى مدن باهتة تنطفئ الحياة فيها كل يوم تدريجياً، وخاصة تلك التي تسيطر عليها الحوثية الإرهابية، وصنعاء الدليل الشاهد على الموات الذي حل ببقية المدن، حيث تذوي صنعاء وتذوب في وحلها وتتحول إلى مدينة غريبة بشواهدها وغريبة في عيون عشاقها وحتى أبنائها، لأن السيطرة الإيرانية عليها استباحتها وحولتها إلى رابع المدن التي تسيطر عليها في المنطقة ودفعت بها إلى الانهيار.

في المقابل هناك انبعاث جديد من تحت ركام الحرب، انبعاث المدن الجديدة التي بدأت تتحول إلى مناطق جذب للسكان أولاً وللمستثمرين، وأبرزها مدينة المخا، هذه المدينة التي تشبع التاريخ من الحكايات عنها كنقطة وصل بين الشرق والغرب، وكعاصمة للساحل الغربي، مدينة كانت زاهية بالعمران والحركة الدؤوبة للتجارة، وفي مرحلة من المراحل التاريخية بدأ يخفت زهوها وتتحول الحركة التجارية إلى موانئ أخرى منافسة، حتى وصل بها إلى الموات الحقيقي الذي نرى شواهده اليوم عليها كصورة تحكي في مبانيها ومعالمها وانكفاء كتب التاريخ عن تدوين أحداثها، وكيف يكون هناك أحداث لمدينة ماتت..!!

مدهش حقاً أن تعود مدينة من الموات، وتبرز معالم عودتها كمدينة حيوية نفضت غبار الحرب والتاريخ، واستعدت لاستعادة مجدها ونشاطها ومركزها كعاصمة في الساحل الغربي، حقاً إنه من المدهش أن تواصل قنوات التلفزيون ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الحديث بشكل مستمر عن المخا، وعن النشاط الذي يدب فيها، وعن المشاريع الاستراتيجية التي تُنفذ فيها.

في الماضي القريب لم نكن نسمع عن المخا إلا ما ندر في نشرات التلفزيون، ولا نعرف عن المخا إلا كمدينة دفنها التاريخ، واليوم نعيش لحظات عودتها من الموات بشكل يومي، في صورة توحي أن هذا النشاط والحيوية وكأنها في وضع سلام دائم لا حرب ومناوشات مستمرة، فعلاً إنها الإرادة التي تملكها هذه المدينة بالعودة الى الحياة، إرادة قوية وجامحة للمنافسة وأن تصبح عاصمة للساحل الغربي بشكل فعلي وفي مختلف المجالات.

كان ميناء المخا هو المحور الرئيس في جعلها مركزاً من مراكز التجارة قديماً، واليوم ومع التطور الذي تشهده الحضارة العالمية، ليس الميناء وحده من يعيد فيها الحياة، هناك ولأول مرة نسمع عن مطار المخا الدولي، والذي شهدنا وصول أو طائرة مدنية إليه في الشهر الماضي وكانت تتبع الصليب الأحمر الدولي، في تدشين رمزي عن انطلاق عصر المخا وتحولها إلى نقطة استراتيجية في البحر الأحمر.

كثيرة هي المشاريع التي يتم تدشينها، وما زال هناك بعض القصور الذي تحاول إدارة المخا أن تعالجه، ولا بد أن يكون هناك المزيد من الخدمات في قطاعات الكهرباء والمياه، ولكن وبشكل عام هناك رؤية واضحة تمتلكها قيادة المقاومة الوطنية باستعادة المخا، وإحيائها من جديد.

أهلاً بالمخا.. عصمة الساحل الجديدة.