تحولت تعز في ظل حصار الحوثي الخانق إلى مركز للمعاناة والألم الذي يشق طريقه عبر التواءات جبلية قد تسلب روحا منهكة بالمرض لا تقوى على مواصلة الرحلة إلى حيث الاستطباب وتلقي العلاج للجسد الناحل، تحولت إلى بؤر منتشرة في الداخل لمجموعات قتالية إما تابعة لمحورها العسكري، أو تتبع بعض قيادات ذلك المحور التي تنظر إلى تعز في ظل الحصار مدينة للنهب والسلب والقتل لا أحد يمكنه أن يقف أمام تلك المجاميع وقيادات المحور العسكري، ومن الصعب أن تُنتقد لأنها خارج إطار المألوف من النقد، ولا تمتلك للرد إلا الرصاص والخطف، هي شبيهة بمجاميع الحوثية الإيرانية التي تخنق المدينة وتضع تلك المجاميع داخلها في صف الجريمة التي ترتكبها بحق تعز.
حالة انتشار القتل والسلب والنهب التي تقودها مجاميع "صعلوكيه" نفخت ريشها قيادات إخوانية في محور تعز العسكري وكذلك قيادات أمنية تحمل رتبا كبيرة، ومكنتها من رقاب الناس وحق الاستيلاء على ممتلكاتهم وأرواحهم، وليس فقط الناس، بل حتى مهاجمة مؤسسات الدولة المدنية كما حدث في مكتب مصلحة الهجرة والجوازات، ولا زالت تلك المجاميع تثير الرعب وتخلق حالة من الفوضى دون رادع أو مسؤولية أخلاقية أو شعور بالضمير الإنساني لتلك القيادات التي تقود تلك المجاميع وممارسة النهب وارتكاب الجريمة.
ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي أخبار تفيد عن سرقة دبابة تابعة لأحد الألوية العسكرية في تعز، حتى وإن لم يكن الخبر صحيحا، مع إمكانية حدوث ذلك، إلا أن السخرية التي طافت كل صفحات وسائل التواصل تجاه تلك الواقعة تفيد أن الحالة المزاجية للناس وخاصة في تعز قد ضجرت وأصبح الواقع لا يطاق، وأن سرقة دبابة من أحد المعسكرات بطلها مجموعة من "صعاليك" قيادات عسكرية وأمنية تمثل حالة واحدة في سلسلة من الجرائم وعمليات النهب والاختطافات التي تقوم بها داخل المحافظة تحت غطاء الدولة والمحور العسكري.
عبرت الناس عن سخطها عن طريق السخرية، وهو نوع من المقاومة الناعمة، وليس واقعة سرقة الدبابة وحدها كانت محل سخرية مجتمعية، فهناك الهجوم على قسم شرطة واعتقال رجال الشرطة ونهب "طقم" عسكري تابع للقسم، كانت تلك الواقعة وجبة سخرية دسمة انهالت النكات والتعليقات الساخرة في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، هذا التعبير المحق هو رغبة جامحة في البحث عن منقذ يجرد تعز من تلك القيادات ومن تلك المجاميع "الصعلوكيه" والمجاميع الإرهابية، تحت يافطة الدولة والطير الجمهوري، ومن جانب آخر يفك الحصار المطبق على المدينة ورفع البندقة الحوثية عن عنق تعز وفتح الطرقات وتخفيف الحالة الثأرية التي يقودها الحوثي تجاه تعز.
ليس هناك من مهمة وطنية تقوم بها القيادات العسكرية لمحور تعز، وليس هناك واجب وطني لبّت نداءه، وحولت حالة الاستعداد للنهب والقتل والبلطجة إلى جبهات قتال المليشيات الإيرانية الخانقة للمدينة، تلك القيادات وتلك المجاميع تقع خارج إطار معركة أبناء تعز في مواجهة أرتال الجحيم الحوثية القادمة من صعدة.
لسان حال أبناء تعز في ظل الواقع المزري وحالة الفوضى التي تنتهجها قيادات المحور العسكرية والأمنية في المدينة، يقول أن لا فرق بينها وبين الحوثية الإرهابية، فربما يكون الحصار أهون من الجرائم المرتكبة بشكل شبه يومي دون وقف لها، لأن حاميها حراميها، ولأن البندقية التي لم توجه نحو الحوثي، هي نفسها التي تفسد في الداخل، فلا يعقل أن يتم سرقة دبابة واقتحام قسم شرطة وسرقة "طقم" عسكري منه يكون بمعزل عن من يفترض بهم أن يحرروا تعز.
تحرير تعز مرهون بعملية تغيير شاملة لكل القيادات العسكرية التي ثبت أنها تحمل نوايا خبيثة، تغيير يُعيد لتعز روح المقاومة والاستعداد لخوض معركة فك الحصار واستعادة زمام المعركة في كل الجبهات حتى تحرير كل قرية ومديرية فيها، ولا بد من عملية تصحيح عاجلة، وخاصة أن الحوثي يجهز مجاميعه القتالية لاستئناف المعركة في تعز بالتحديد، وما الهدنة إلا استعداد للقتال.