د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

سلّة "أوكرانيا".. وشبح المجاعة المحدقة باليمن!

Friday 25 February 2022 الساعة 07:07 pm

من يقنع الحكومات والسلطات اليمنية في الرياض وصنعاء وتعز وعدن والمخا وحضرموت ومأرب.. أن تتعامل بمسئولية مع تداعيات "الأزمة الأوكرانية" التي ستؤثر بالضرورة وبشدة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المنهارة والمتردية أصلاً في اليمن.. ما قد يسفر عن مجاعة شاملة.؟!

كل دول العالم اليوم، بداية بالدول العظمى، منهمكة برصد تداعيات هذه الأزمة، واتخاذ التدابير اللازمة للحد من انعكاساتها على اقتصاداتها المحلية، ومستوى معيشة مواطنيها، وحاجاتهم الضرورية والكمالية.

في اليمن، فقط، تستمتع السلطات والنخب والجماهير بمشاهدة هذه التراجيديا، وتحليل تفاصيلها، كما لو كانت معزولة عن حياتهم المتوقفة فقط على رغبة وقدرة المنظمات الدولية الخيرية، والمحسنين الأجانب، والمساعدات والإغاثات الدولية.!

ما الذي يجعل هؤلاء على ثقة مطلقة بأن هذه المساعدات والإغاثات التي يعيش عليها غالبية الشعب اليمني ستستمر، أو على الاقل لن تشح، في حين أن الدول والأطراف المانحة تحذر من شحتها فيها نفسها، وفي الدول المستقرة القادرة.؟!

وحتى إذا لم يوقف المحسنون الدوليون صدقاتهم الغذائية على الشعب اليمني، فإن ارتفاع أسعار النفط دولياً، سينعكس على أسعار الوقود في اليمن، والتي هي الآن الأغلى في التاريخ، وسينعكس هذا بشكل مروع على مختلف أسعار السلع والخدمات الأخرى.!

اليمن، اليوم، تعيش أو تموت في وضع استثنائي، يشبه بل هو أسوأ من نظيره في العهد الإمامي البائد، في ظل غياب الدولة، وتشظي السلطة، والاحتراب الأهلي، وانشغال القائمين على هذا الوضع الاستثنائي، عن الأولويات والمسئوليات الوطنية، والمخاوف الشعبية العامة، بأولويات فئوية خاصة.

في العهد الإمامي البائد، حتى الحرب العالمية الثانية، بكل حرارتها وأبعادها الكونية المروعة، لم تثر مخاوف الإمام يحيى، ورجال حاشيته، من احتمال حدوث أزمة اقتصادية ممكنة في بلادهم.!

لم تكن في اليمن، حينها، دولة حقيقية، ولا سلطة مسئولة، وبسبب بدائية النظام، وغيابه عن العصر، وعزلته عن العالم، وعدم سرعة استجابته للأزمات المحلية والدولية، وسوء إدارته للموارد.. حصدت المجاعة نحو 30% من أبناء الشعب اليمني، في أعلى نسبة لضحايا مجاعة في التاريخ.

العالم اليوم يمر بأزمة مماثلة. اجتياح روسيا لأوكرانيا، وإن لم يفضِ إلى حرب عالمية جديدة، خلف منذ البدء أضراراً كارثية على المستوى العالمي. وبالذات على صعيد الطاقة والغذاء. كون الأزمة تتعلق باثنتين من أكبر منتجي ومصدري العالم للنفط والحبوب:

من جانبها. تعتبر أوكرانيا "سلة خبز" العالم، من حيث كونها عالمياً: ثاني أكبر دولة في إنتاج الشعير، والثالثة في إنتاج الذرة، والخامسة في إنتاج الجاودار، والثامنة في إنتاج القمح.. وبما يلبي الاحتياجات الغذائية لحوالي 600 مليون شخص حول العالم، فضلا عن كونها إحدى أهم دول العالم في إنتاج التكنولوجيا والطاقة والنفط.

وفي المقابل روسيا من أكبر دول العالم في إنتاج الحبوب والنفط والغاز.. ما يعني أن هذه الأزمة ذات تداعيات عالمية شاملة عبرت عن نفسها منذ البدء، ومن العناوين ذات الصلة بالطاقة والغذاء. المتداولة اليوم:

• ارتفاع أسعار القمح لتتجاوز أعلى مستوى لها منذ 9 سنوات.!

• ارتفاع سعر برميل النفط الخام بما تجاوز حاجز الـ 105 دولارات، لأول مرة منذ 2014.!

هذا في اليوم الأول للأزمة، ومن المؤكد أن هذه التداعيات ستتصاعد باستمرار، خاصة في ظل فرض عقوبات وحصار اقتصادي على روسيا.

في المحصلة. هذه الأزمة ستؤثر بالضرورة على الاقتصاد الدولي والأوضاع المحلية للدول العظمى والوسطى والصغرى المستقرة، فضلاً عن بلد بلا دولة، ولا استقرار، ولا اقتصاد.. وتسيطر عليه مليشيات من كل نوع، ويعيش على المعونات الدولية.. مثل اليمن.