كيف كسر ابناء يافع عزلة "مشألة" المزمنة

متفرقات - Tuesday 13 June 2023 الساعة 04:16 pm
نيوزيمن، عبير عبدالله:

تتوسط منطقة "مشألة" عددا من المديريات بين يافع وردفان، وتمتد الى العسكرية غرباً ومنطقة بئر العروس شرقاً. 

وتعيش هذه المنطقة الواسعة مترامية الاطراف المنتمية الى يافع عزلة ما بين قراها القريبة والنائية من ناحية وبينها وبين مديرية ردفان من ناحية اخرى. 

مع اندلاع الحرب في اليمن العام 2015 زادت وطأة الاثار السلبية لتلك العزلة الامر الذي دفع الاهالي للبحث عن مخرج.

تتوزع قرى مشألة الـ 75 في بطون الأودية الستة والشعاب وقمم الجبال الشاهقة ويقطنها نحو 30 ألف نسمة. 

يوجد طريق قديم شديد الوعورة لكن الاعتماد عليه لم يكن فاعلا بسبب رداءته وتوقف استخدامه طوال مواسم الامطار كون ذلك الطريق يمر في معبر السيول " السوائل".

مع اشتداد الحاجة الى كسر العزلة وارتفاع منسوب الخطر أكثر فأكثر على الطريق القديم تحرك المجتمع بمختلف فئاته العام 2016 من اجل شق طريق بطول 14.3 كم تربط بين مختلف قرى مشألة وتربط مديريتي يافع وردفان المركزيتين.

وظف الاهالي طاقاتهم وخبراتهم الهندسية والفنية وعمالتهم الماهرة في حين وفر المغتربون ورجال الاعمال والاهالي من ابناء يافع الكلفة المالية البالغة نحو 4.5 مليون دولار.  

الكلفة عالية لكن الجدوى الاقتصادية تستحق العناء حيث يربط الطريق الوديان الزراعية كوادي اشدد ووادي ضول الشهيرة بإنتاج الحبوب كمحصول الدخن وتربية المواشي كالأبقار والاغنام ومزارع النحل المنتجة للعسل الى جانب ربط المناطق السياحية والاثرية مثل منتزه قمة بساء وشوبان وخنيم والعثمانية ومنتزه أسفل وادي ضول ووادي بناء السياحي بديع المنظر الذي يمر الطريق فيه على ضفة الوادي وسط مناظر طبيعية خلابة. 

سهل الطريق على المزارعين نقل منتجاتهم الى الاسواق كما وفر سبل الوصول الى التنزهات الطبيعية والمعالم السياحية والاثرية هناك اضافة الى تسهيل الوصول الى الخدمات ووصولها الى قرى المنطقة متعددة التضاريس مترامية الاطراف. 

يقول " العميد "حسين عبده" أحد مشايخ "مشألة "هذه المنطقة حرمت من الخدمات في الماضي، ولم يجد الاهالي سوى الاعتماد على أنفسهم فدشنوا مشروع الشهيد" ابو اليمامة" على حسابهم الخاص وبجهودهم الذاتية كشريان حياة للمنطقة، حيث يربط مديريات يافع بردفان من خلال العسكرية دغار الى المفلحي يافع وهو حلم قديم بالنسبة للأهالي.

من جانبه اوضح المدي رالتنفيذي للمشروع "عادل الماتري" بالقول: "مشروع طريق الشهيد" ابو اليمامة" يخدم منطقة "مشألة" بشكل كبير، حيث يمر الطريق من العسكرية الى وسط "مشألة" وادي اشدد قرية دغار التي تتفرع منها الطريق ويستمر عبر جبل السالمي وذو العبوب الى رهوة ضول". 

وحول تمويل المشروع يوضح " الماتري: " المصدر الوحيد هو تبرعات ابناء المنطقة، واشتراكات شهرية من المغتربين والموظفين من ابناء المنطقة، ولا يوجد اي تمويل للمشروع من اي منظمة او جهة حكومية". 

رئيس لجنة التنسيق والمتابعة الاستاذ سعيد سعد وهو أحد الخبراء في هذا النوع من المشاريع قال من جانبه: "طريق الشهيد" ابو اليمامة"، منفذ اخر ليافع، وما يميزه هو تجاوز خطورة المنعطفات للطريق القديم وما تسببه من عرقلة لحركة الانتقال حيث يسمح الطريق الجديد بمرور مركبات النقل الى جانب المركبات العادية بشكل سلس".

التجربة ذاتها تناقلتها مناطق اخرى عديدة ففي عام 2022 تم تعديل الطريق المؤدي إلى قرية شعب الأغبر بمنطقة وادي الماء بمديرية شرعب الرونة، شمال محافظة تعز، والمتجه صوب القرية الواقعة في اعلى الجبل بسبب مخاطرها على سلامة السكان، حيث تم تقديم كشف تبرعات الى منازل القرية المستفيدة والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 200 نسمة لدفع مبالغ تعاونية من كل منزل، تستخدم لغرض تنفيد مشروع الطريق الفرعي فتفاعل الناس مع الفكرة، وشكل نحو 30 شخصاً فريق عمل طوعي ووزعوا مهام الإنجاز ومراحله، ليبدأ العمل بوتيرة عالية ليتم رصف ما يزيد عن خمسمائة متر مربع صعوداً عبر الجبل في 21 يوما. 

كما تم تطبيق الفكرة العام 2018 في مشروع مجتمعي آخر نفده أبناء عزلة حلية بمديرية الرونة من خلال رصف وتعبيد الطريق الواصل إلى قرية الخربة وهو مشروع استمر قرابة ثلاثة أعوام وانتهى بإيجاد طريق فرعي سالك بطول يزيد عن واحد كيلومتر في منطقة الصعوبة.

 وبحسب العاملين هناك استفاد فريق العمل من أموال التبرعات المحلية وتلك القادمة من أبناء القرية المغتربين في توفير المواد وتغطية وقود النقل في حين تكفلت الايادي العاملة بنفسها مقابل مبالغ رمزية بإنجاز العمل، وبلغ عدد سكان القرى المستفيدة من هذا المشروع نحو 4.858 فرداً، في عزلة حلية بمديرية شرعب الرونة.

في ذات العام وفي مكان ثالث هو منطقة "الإشراف" بشرعب الرونة التي كانت  معزولة عن أبسط الخدمات التي تقدمها الدولة ومنظمات المجتمع المدني، 2018 قام مجموعة من ابناء المنطقة بمناقشة المشكلة واسبابها والخروج بالحلول المجتمعية الممكنة، واستمرت المناقشات مدة عامين ليبدأ تنفيد المرحلة الأولى عام 2020، ولم تتوقف جهود الشباب الذين يعملون بشكل طوعي عند هذا الحد، فقد شجع انجاز المرحلة الأولى على الاستمرار من أجل توسعة الحل ليشمل عدد من القرى والمناطق المتصلة بذات الطريق، ومثلث المرحلة الثانية انجاز طريق "الرهيشة" خلال الفترة من نوفمبر 2022 ويناير 2023 ليتجه العمل بعدها نحو انجاز طريق "عقبة عبدالله علي" والتي تعد أحد المنحدرات الخطرة أيضاً. 

عانت "مشألة" وضعا صعبا على كافة الاصعدة وعاشت العزلة لعقود طويلة جراء تناسي عدم وصول خدمات الدولة وما سببته تلك العزلة من مشاكل على صعيد الخدمات عامة وصعوبة الوصول الى الخدمات الصحية بشكل خاص فشمر الأهالي عن سواعدهم لإزالة هذا الكابوس الذي خيم عليهم لوقت طويل، فتظافرت جهودهم من اجل تدشين أول مشروع أهلي على نفقتهم الخاصة  ماشجعهم على التفكير بإنجاز مشاريع تنموية وحيوية اخرى خلال الفترات القادمة بحسب الاهالي.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي