تحليل: إلى أين يفضي الحراك المحلي والإقليمي والدولي حول مصير الوحدة؟

تقارير - Tuesday 23 May 2023 الساعة 08:25 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

يحل الثاني والعشرون من مايو هذا العام وسط تصاعد الجدل السياسي والشعبي حول مصير الوحدة اليمنية في ذكراها الـ33. فبينما يحتفل غالبية الشمال بذكرى الوحدة التي طالما تم الاحتفاء بها في عموم اليمن إلى ما قبل ثماني سنوات، يحتفل غالبية الجنوب بالذكرى التاسعة والعشرين لإعلان فك الارتباط الذي ورد في خطاب آخر رئيس لدولة الجنوب وأول نائب لرئيس دولة الوحدة، علي سالم البيض في 21 مايو 1994.

وتزامنت الذكرى الـ33 لإعلان الوحدة هذا العام مع انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، ضمن تحركات المجلس الانتقالي والمكونات السياسية الجنوبية المتحدة معه في سياق مطلب "استعادة الدولة" الجنوبية السابقة للوحدة.

افتتحت جلسات الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، الأحد، بحضور رئيس المجلس عيدروس الزبيدي ونائبه المعين حديثاً فرج البحسني وعدد من قيادات المجلس الانتقالي ومكونات الحراك الجنوبي، وتستمر الجلسات اليوم الاثنين برئاسة اللواء أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية، وذلك بعد مغادرة الزبيدي والبحسني إلى الرياض بناءً على دعوة رسمية من المملكة العربية السعودية لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وهي الدعوة التي وجهت أيضاً إلى العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة- قائد قوات المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي.

هذه المستجدات المتسارعة على الصعيد الوطني واكبتها مستجدات إقليمية ودولية بخصوص الوحدة اليمنية، حيث تلقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي برقيات تهانٍ باليوم الوطني للوحدة من قادة عدة دول أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسعودية وروسيا، الأمر الذي اعتبره مراقبون رسائل من المجتمع الدولي بخصوص استمراره في دعم مسار التسوية السياسية في إطار اليمن الموحد.

ولا يبدو أن رئيس المجلس الانتقالي ونوابه، وهم أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي أيضاً، قد فاتتهم ملاحظة هذه الرسائل وأخذها بعين الاعتبار، حيث أكد الزبيدي في افتتاح الدورة السادسة للجمعية الوطنية، "الدعم الكامل لكافة المساعي النبيلة الضامنة لإحلال السلام العادل والمستدام في بلادنا والمنطقة". لكنه في السياق ذاته وجه رسائل من جانبه عبر التذكير "بأنَّ تلك الجهود ستظل مجرد محاولات قاصرة، ما لم تضع أولوية لمعالجة القضايا المحورية، وفي طليعة ذلك معالجة قضية شعب الجنوب، بما يجسد جذورها ويلبي تطلعات شعبنا وحقه في استعادة دولته على كامل حدودها المعترف بها دوليًا حتى 21 مايو 1990م". وأضاف: "نؤكد بأن شعبنا هو سيد أرضه ومالك قراره، ولن يسمح أبدًا بتمرير أي تسويات منقوصة لا تلبي تطلعاته ولا تعبِّر عن إرادته، وهذا دورنا الذي لن نتوانى عن القيام به في كل الظروف".

وفي حين لا يزال الموقف الإقليمي والدولي حول وحدة اليمن مفتقراً لرؤية الحل السياسي الذي يمكن أن يحظى بقبول المكونات التي تعتبر حاملاً سياسياً للقضية الجنوبية، تتجه الأنظار، ليس فقط إلى مخرجات الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي المنعقدة في المكلا، بل أيضاً لنتائج زيارة الزبيدي والبحسني وبقية أعضاء مجلس القيادة الرئاسي إلى الرياض، حيث من المتوقع أن تشهد لقاءات رئيس وأعضاء المجلس بالقادة السعوديين مناقشات تخص القضية الجنوبية كإحدى القضايا ذات الأولوية، إن لم تكن أولها، في مساعي السلام الجارية بقيادة السعودية ورعاية الأمم المتحدة.

في الأثناء، يبدو المناخ المتوتر جراء تصاعد الجدل حول الوحدة وفك الارتباط أحد عناصر التعقيد الذي تعاني منه المشكلة اليمنية، خاصة إذا استمرت النخب السياسية والثقافية والإعلامية في مهاجمة مطالب الجنوبيين في فك الارتباط واستعادة دولتهم، أو التذكير -تصريحاً أو تلميحاً- بشعار "الوحدة أو الموت" الذي سبق أن جاء بنتائج عكسية على الوحدة واستقرارها كخيار وطني لدى الشعب في الجنوب.

وتشن مكونات وشخصيات شمالية هجوماً متفاوت الحدة على المجلس الانتقالي الجنوبي والمكونات المتحدة معه مؤخراً، مقابل خطاب أكثر اعتدالاً تتضمنه تصريحات قيادات المجلس الانتقالي تجاه المكونات الشمالية المناهضة لمليشيا الحوثي وإبداء الاستعداد لمساندتها في استعادة الدولة المختطفة من قبل ذراع إيران في اليمن منذ تسع سنوات.

ويرى مراقبون أن تصاعد حدة الهجوم على المكونات الجنوبية المطالبة بفك الارتباط من شأنه أن يمنح هذه المكونات حجة أقوى للاستمرار في مطلب استعادة الدولة الجنوبية، خاصة مع عجز القوى الشمالية عن هزيمة الحوثيين أو في أقل الاحتمالات تحسين شروط التفاوض معهم للقبول بشراكة سياسية قائمة على الثوابت الوطنية وليس على ما يدعونه من حق إلهي في الحكم. وتوقع عدد من الناشطين السياسيين في صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أن تشهد المرحلة الراهنة انفتاحاً سياسياً أكبر من قبل قوى الجنوب في حال واكبت القوى الشمالية المناهضة للحوثيين تحركات المجلس الانتقالي ومكونات الحراك الجنوبي بالتفهم والإقرار بفداحة ما تعرض له الجنوب جراء حرب 94 وما لحقها من ممارسات النافذين الشماليين في الجغرافيا الجنوبية.