الإخوان يحركون ورقة القاعدة بعد سقوط نفوذهم في حضرموت والمهرة
السياسية - منذ ساعة و 6 دقائق
عدن، نيوزيمن، خاص:
في الوقت الذي تعيش فيه جماعة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) أسوأ مراحل الانكسار وفقدان النفوذ في وادي حضرموت ومحافظات الشرق اليمني، لجأت – وفق مصادر أمنية وسياسية – إلى ورقتها التقليدية الأخطر تنظيم القاعدة.
فالتحولات الأمنية التي قادتها القوات الجنوبية و"درع الوطن" خلال الأيام الماضية، تمكنت عبرها من تأمين مناطق واسعة واستعادة الاستقرار، دفعت التنظيم الدولي للإخوان إلى محاولة إعادة خلط الأوراق عبر تفعيل خلايا إرهابية تحرّكت بالتوازي مع خطاب تحريضي صاخب لنشطاء وقيادات الحزب.
هذا "الصراخ الإخواني" المرافق لظهور صوتي بارز لأحد قيادات القاعدة، يعكس – بحسب مراقبين – علاقة الإرهاب المفضوحة بين الطرفين، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من المواجهة مع شبكات متداخلة لعبت لعقود دور الذراع التخريبي في حضرموت والمهرة.
وظهر قيادي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يُعرف باسم أبي البراء الصنعاني، في تسجيل صوتي داخل مجموعة مغلقة، ليؤكد مجددًا حالة الارتباط والتنسيق السياسي بين التنظيم الإرهابي والإخوان. التسجيل تناول التطورات العسكرية والأمنية الأخيرة في حضرموت والمهرة، بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على مواقع استراتيجية في المنطقتين.
وفي خطابه المتوتر، اعتبر القيادي أن التحركات الجنوبية "جزء من مشروع إقليمي أوسع"، مهاجمًا رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ومتبنيًا أسلوب التنظيم ذاته في تبرير نشاطه المسلح. وأشاد الصنعاني بدور عناصر القاعدة في وادي عومران في مودية أبين، ووصف مواجهاتهم مع قوات الانتقالي بأنها "امتداد لمعركة مستمرة"، داعيًا بشكل مباشر إلى استهداف القوات الجنوبية، ومحرضًا سكان مأرب وغيرها من المناطق الخاضعة للإخوان على تنفيذ هجمات.
القيادي المتطرف شن هجومًا لاذعًا على السعودية والإمارات، في خطاب كشف بوضوح حجم الأزمة التي يعيشها التنظيم بعد سقوط مراكزه ونقاط دعمه في الشرق اليمني. كما دعا إلى ما وصفه بـ"الجهاد" ضد القوات الجنوبية، والتحريض على نهب أسلحتها واعتبارها "غنائم"، في محاولة يائسة لإحياء خلاياه التي تلقت ضربات موجعة في الأشهر الأخيرة.
ويتزامن هذا التسجيل مع حالة ارتباك غير مسبوقة في صفوف الإخوان، الذين منيوا بخسائر عسكرية واقتصادية متسارعة في حضرموت والمهرة، ما يؤكد – وفق مراقبين – الانهيار المتزامن للشبكتين: التنظيم الإرهابي وجناحه السياسي.
المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه السابق أكد أن ما يجري في وادي حضرموت هو "مرحلة حاسمة" لإغلاق ملف الانفلات الأمني الذي استغلته قوات تابعة للإخوان طوال سنوات. مضفيًا إن عملية "المستقبل الواعد" التي انطلقت مؤخرًا جاءت بعد استنفاد كل الخيارات لإعادة الاستقرار للوادي وإنهاء استغلاله من قبل "قوات دخيلة" حولته إلى منصة تهريب ووكراً للتنظيمات الإرهابية.
وأضاف أن مناطق وادي حضرموت تحولت خلال السنوات الماضية إلى منصة لعمليات التهريب لصالح ميليشيات الحوثي، وإلى بؤر لنشاط تنظيمي داعش والقاعدة. وأكد أن الجنوب لن يكون ممراً لتهديد أمن المنطقة ولا مأوى للإرهاب، ولا رئة إمداد للميليشيات الحوثية الإرهابية. ولفت إلى أن القوات التي تمت إزاحتها كانت الرئة التي يتنفس منها الحوثيون والإخوان والتنظيمات الإرهابية، مستغلة مواقعها للتربح بعيدًا عن مصالح المواطنين.
من جهته، قال رئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي، علي الكثيري، إن حضرموت طوت صفحة 35 عامًا من السيطرة القمعية والإرهابية، عقب تحرير مدينة سيئون والمناطق المجاورة.
وأكد الكثيري أن يوم تحرير وادي حضرموت هو "يوم تاريخي طال انتظاره"، مشددًا على بدء مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار، وصدور توجيهات صارمة للقوات الجنوبية بحماية المؤسسات والمواطنين دون تمييز. مضيفا أن "كل من يعيش في وادي حضرموت فهو في أمان ما لم يرفع السلاح".
كما أكد أن العملية الأمنية والعسكرية لن تتوقف إلا بالقضاء التام على الخلايا الإرهابية التي ترعرعت لعقود في ظل حماية الإخوان والحوثيين.
ويكشف المشهد اليوم بوضوح عن حقيقة الصراع في الشرق اليمني، فتنظيم القاعدة يتحرك حين ينهزم الإخوان، والصوت التحريضي للتنظيم يعلو كلما سقطت مواقع نفوذ الحزب.
لكن تأمين وادي حضرموت وانطلاق عملية “المستقبل الواعد” يؤشران إلى مرحلة جديدة، تُغلق فيها آخر منافذ الإرهاب، وتعود فيها الأرض إلى أهلها، فيما تستمر القوات الجنوبية في تفكيك ما تبقى من الشبكات، وإعادة الاستقرار الذي غاب لعقود طويلة.
>
