افتتاح مطار المخا.. رمز للتنمية والاستقرار وفرصة لترتيب الأولويات وتجاوز الانقسامات
السياسية - منذ ساعتان و 38 دقيقة
المخا، نيوزيمن، خاص:
بعد سنوات طويلة من الحصار والمعاناة التي فرضتها مليشيا الحوثي على مناطق الساحل الغربي ومحافظة تعز، يمثل تشغيل مطار المخا الدولي بمثابة نافذة أمل لملايين اليمنيين الذين عانوا من صعوبة التنقل وغياب الخدمات الأساسية، ومن انعزال شبه كامل عن بقية المدن اليمنية والدولية. هذا المشروع ليس مجرد مطار جديد، بل رمز لاستعادة الحرية في الحركة، واستعادة الحقوق الأساسية للمواطنين في السفر والعمل والتواصل مع العالم الخارجي.
تدشين العمل في المطار مثل خطوة استراتيجية شاملة تجمع بين البُعد الإنساني والاقتصادي والسياسي؛ فهو يسهم في تخفيف معاناة السكان اليومية، ويمثل رافدًا اقتصاديًا جديدًا عبر تحريك النشاط التجاري والسياحي، وإتاحة الفرص الاستثمارية في مدينة المخا والمناطق المحررة المحيطة. كما أنه يعكس قدرة المقاومة الوطنية والقيادة المحلية على تنفيذ مشاريع تنموية كبرى في ظروف صعبة، ويشكل رسالة واضحة بأن الجهود المبذولة لتحسين حياة المواطنين ليست مرتبطة بحسابات سياسية ضيقة، بل بمصلحة الشعب اليمني عامة.
تشغيل المطار أيضًا يسلط الضوء على أهمية الربط بين التنمية المحلية والاستقرار الاجتماعي؛ فالقدرة على الوصول إلى مطار حديث تسهّل حصول السكان على الخدمات الصحية والتعليمية، وتخلق فرصًا اقتصادية للشباب والنساء، وهو ما يترجم مفاهيم التنمية المستدامة إلى واقع ملموس. في الوقت نفسه، يمثل المشروع اختبارًا لمدى تجاوز الانقسامات السياسية والصراعات المحلية، وتركيز الموارد على مشاريع تخدم حياة الناس مباشرة، بعيدًا عن الحسابات العقيمة التي لطالما عطّلت مسيرة التنمية في البلاد.
تفاعل واسع
شهد تدشين أولى رحلات الخطوط اليمنية من مطار المخا الدولي تفاعلًا واسعًا وحماسيًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه كثير من المغردين والناشطين بأنه حدث وطني يبعث الأمل بعد سنوات طويلة من العزلة والحصار الحوثي على مناطق الساحل الغربي. ورأى اليمنيون في افتتاح المطار نافذة جديدة للخروج من قيود التنقل وصعوبة الوصول إلى المطارات الأخرى البعيدة، خصوصًا في مدينة تعز المحاصرة والمديريات المحررة المحيطة بها، بما فيها مناطق الحديدة، حيث كان المواطنون يعتمدون سابقًا على رحلات معقدة وباهظة التكاليف للوصول إلى مطارات بعيدة.
ووصف العديد من المعلقين افتتاح المطار بأنه محطة مفصلية في مسار التنمية المحلية والإقليمية، مؤكدين أن المطار ليس مجرد منشأة جوية، بل رافد اقتصادي وتنموي يفتح أبواب الاستثمار والتجارة والسياحة في المخا ومحيطها. كما أشاروا إلى أن تشغيله سيخفف من معاناة السكان في مجال الخدمات الطبية والتجارية، ويتيح فرصًا للشباب والنساء للعمل والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية الجديدة التي ستنبثق حول المطار.
من جانبه، أوضح الأكاديمي الدكتور هزاع البيل أن المطار يمثل بداية تحول اقتصادي واجتماعي كبير في المنطقة، مضيفًا: "القصة ليست مجرد مطار أو رحلات جوية، بل قصة مشاريع وفرص وحياة ستولد من جديد في مدينة المخا. المطار سيربط كتلة سكانية ضخمة بمنفذ جوي حديث، وستتبعه مشاريع خدمية واستثمارية تحرك عجلة الاقتصاد وتخلق مئات الوظائف، كما سيحفز على تطوير البنية التحتية في المدينة ويعزز مكانتها كمركز تجاري وسياحي مهم".
وأشار البيل إلى أن المطار يعكس جدية قيادة المقاومة الوطنية في الاستثمار بالبنى التحتية الحيوية، ويقدم رسالة واضحة بأن التنمية والخدمات العامة يمكن أن تتحقق حتى في ظل الظروف الصعبة، مضيفًا أن التفاعل الكبير على وسائل التواصل يظهر وعي المواطنين بأهمية المشروع وفهمهم لدوره في تحسين حياتهم اليومية ورفع مستوى الأمن الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
وقال الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري: "ألف مبارك لأهل المخا، هذا الحدث التاريخي سيسهم في تنمية مدينتهم وتسهيل رحلاتهم العلاجية والسفرية، ليكون نافذتهم على العالم ومشروعهم الاستراتيجي الأهم". من جانبه، أوضح الدكتور محمد قيزان أن تشغيل المطار "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، وسيخفف معاناة السفر عن أبناء تعز والحديدة وإب والمناطق المجاورة"، موجهًا شكره لكل من أسهم في إنجاح المشروع.
حملة مغرضة
رغم الأهمية الوطنية الكبرى لمشروع مطار المخا الدولي، واجه افتتاح المطار حملة إعلامية مغرضة قادتها نشطاء وقيادات محسوبة على حزب الإصلاح الإخواني، حاولت التقليل من شأن الإنجاز وتسليط الضوء على ما اعتبرته بعض الأطراف نقاط ضعف المشروع، في محاولة واضحة لإثارة الجدل وتشويه الصورة الوطنية.
وقال الصحفي سعيد بكران: "مشاعر هؤلاء ضلت طريقها، فهم يكرهون كل ما هو إيجابي لشعب حطموا كل شيء له وهربوا إلى المنافي يتنعمون. مطار المخا مكسب للشعب وسيبقى لعشرات السنين يخدم المواطنين". وأضاف: "أكاذيبهم تتهاوى أمام الحقائق والإنجازات الملموسة"، مشيرًا إلى أن هذه الحملة الإعلامية تأتي من أطراف لا ترى أي قيمة للجهود التنموية، بل تسعى إلى إفشال أي مشروع يعكس قدرة الشعب اليمني على البناء والتقدم.
وأكد الكاتب همدان العليي أن الرأي العام كان أكثر وعيًا من الأصوات المعارضة، مضيفًا: "اليمنيون يدركون جيدًا معنى وجود مطار قريب وآمن بعد سنوات من العناء والمعاناة في السفر إلى مطارات بعيدة، وأغلب من انتقدوا المطار يفعلون ذلك شعورًا بالهزيمة لا أكثر". وأوضح أن هذه المعارضة تعكس امتدادًا لثقافة الهدم والفرقة التي عانى منها اليمن طويلاً، وأن المواطنين أصبحوا أكثر إدراكًا لقيمة المشاريع الوطنية التي تعود بالنفع المباشر عليهم.
من جهته، وصف عبدالقادر أبو الليم حملة حزب الإصلاح بأنها تعمل على إشاعة الفتن وعرقلة أي مشروع وطني يخدم المواطنين، مشيرًا إلى أن مشروع المطار يمثل إنجازًا حقيقيًا بتمويل إماراتي كامل، وهو مشروع ملموس يقدم خدمات حقيقية للمواطنين في تعز والمناطق المجاورة. وأضاف أبو الليم: "عقلية المعارضين تركز على الهدم والفرقة بدل البناء والتنمية، فهم لم يسهموا في أي مشروع تنموي أو خدمّي في تعز، بل اكتفوا بتسييس كل الإنجازات وخلق الانقسامات، بينما المطار يمثل صفحة مضيئة في مسيرة العطاء الوطني ويخدم أبناء الشعب لأجيال قادمة".
وتشير هذه الحملة إلى محاولات سياسات معادية لإعادة إنتاج ثقافة الإحباط والهزيمة بين المواطنين، إلا أن الغالبية العظمى من اليمنيين عبرت عن تأييدها للإنجاز ومساندتها للمشاريع الوطنية التي توفر فرص عمل وتخفف معاناة السفر وتعزز التنمية المحلية، مما يعكس تحول الوعي الشعبي نحو دعم المشاريع التنموية بعيدًا عن التجاذبات السياسية الضيقة.
نقطة ارتكاز
الكاتب والمحلل السياسي نبيل الصوفي أكد أن هذا الحدث يمثل أكثر من مجرد افتتاح منشأة جوية، بل رمزًا لإمكانية تجاوز الانقسامات واستعادة الجبهة الوطنية الموحدة. وقال الصوفي: "اغلقوا باب الخطاب العدواني والتحريضي المطلق، وتعالوا نفتح مساحات للنقاش حول كل شيء لنستعيد جبهتنا الوطنية ضد أخطائنا وقصورنا كلنا. نعيد بناء تصوراتنا، وسنجد ما نختلف معه وعنه بكل هدوء وعقلانية".
وأضاف أن صورة طيران اليمنية على مدرج مطار المخا تمثل حدثًا تاريخيًا يعيد ترتيب الاصطفافات ويذكّر الجميع بأن المشروع الوطني الفعلي هو خدمة الشعب والتنمية المستدامة، وليس الانشغال بالصراعات السياسية الضيقة. وأوضح الصوفي أن المطار، كمنجز حقيقي على الأرض، يفتح الباب أمام نقاش هادف ومسؤول حول مستقبل التنمية، وربط المواطنين بالعالم الخارجي، وخلق فرص اقتصادية واجتماعية حقيقية، بعيدًا عن خطاب الكراهية والتحريض الذي عانى منه اليمن لسنوات طويلة.
وأشار إلى أن مثل هذه المشاريع تمنح اليمنيين أرضية مشتركة لإعادة ترتيب الأولويات، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإحياء الثقة بين المواطنين وقياداتهم، على قاعدة الإنجازات الملموسة والخدمة المباشرة للمواطنين. وبحسب الصوفي، فإن مطار المخا الدولي يشكل رمزًا عمليًا لقدرة اليمنيين على البناء والتقدم رغم التحديات، ويؤكد أن الطريق نحو التنمية والسلام الحقيقي يمر عبر العمل المشترك والتفكير العقلاني بعيدًا عن الانقسامات والصراعات العقيمة.
>
