سيناريو التجسس المشترك.. الحوثي والقاعدة يوحّدان خطابهم ضد اليمنيين
السياسية - منذ 3 ساعات و 32 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:
في مشهدٍ يعكس تداخلاً خطيراً بين الجماعات المتطرفة، تتجه ميليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة إلى تبنّي خطابٍ واحد يقوم على اتهامات "التجسس" لتبرير موجات الاعتقالات والإعدامات ضد المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والنشطاء المحليين.
هذا التزامن في التوقيت والمضمون، وفق مراقبين، لا يبدو مصادفة بقدر ما هو سلوك ممنهج يهدف إلى ترهيب المجتمع، وإضفاء غطاء ديني وأمني على الانتهاكات المنظمة في مناطق سيطرة كل طرف.
ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة حملات الاعتقال بحق موظفي المنظمات الأممية والمدنيين، بزعم انخراطهم في "شبكات تجسس لصالح إسرائيل"، بينما تزامن ذلك مع إصدار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لفيديو جديد بعنوان "سبيل الرشاد"، يحذر فيه اليمنيين من "التجسس" ويعرض مشاهد لعمليات إعدام بحق من وصفهم بـ"الجواسيس"، في تكرار لنهج دموي يختزل العدالة في مشاهد دعائية.
وشنت ميليشيا الحوثي منذ شهر حملات مداهمة واعتقال مكثفة طالت نحو 60 موظفاً من العاملين في منظمات تابعة للأمم المتحدة، بعد اقتحام مكاتبها في صنعاء، ومصادرة سجلاتها وأجهزة الاتصالات الخاصة بها.
وزعمت الجماعة أن هؤلاء الموظفين يعملون ضمن "شبكات تجسس إسرائيلية"، وهي اتهامات رفضتها الأمم المتحدة ووصفتها بأنها "خطيرة وغير مقبولة"، مؤكدة أن ما يجري يشكل تهديداً مباشراً لأمن العاملين الإنسانيين وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
ويرى مراقبون أن هذه الحملة تأتي ضمن خطة أوسع لفرض السيطرة المطلقة على المجال الإنساني والمجتمعي، ومنع أي نشاط مستقل خارج سلطة الجماعة، خصوصاً مع توسع الاعتقالات لتطال مواطنين عاديين بتهم "التجسس" أو "التخابر".
في المقابل، نشر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في 28 أكتوبر 2025، إصداراً مرئياً بعنوان "سبيل الرشاد"، يمتد لساعة كاملة، حذّر فيه من "التجسس"، وادّعى قدرته على كشف "المخبرين" العاملين لصالح أجهزة استخبارات أجنبية.
الفيديو، الذي تخلله اعترافات قسرية ولقطات إعدام بحق يمنيين اتهموا بالتعاون مع قوى غربية، يعيد إنتاج ذات النموذج الذي استخدمته التنظيمات الإرهابية سابقاً لتبرير القتل خارج نطاق القانون، وترسيخ سلطتها المطلقة عبر الخوف.
وقدّم أحد قادة التنظيم المكنى بـ"أبي إسلام المهاجر" نفسه بصفته مسؤولاً أمنياً، متحدثاً عن "شبكات جواسيس" تم كشفها ومحاكمتها "وفقاً للشريعة الإسلامية"، في سردية لا تختلف كثيراً عن تلك التي يروّجها الحوثيون في صنعاء.
منظمات حقوقية نددت بمضمون الفيديو، مؤكدة أن عمليات الإعدام العلنية والاعترافات المنتزعة بالإكراه تُعدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وأن التنظيم يستخدم هذه الممارسات لتثبيت نفوذه عبر الإرهاب الفكري والدعائي.
ويرى محللون أن التزامن اللافت بين تصعيد الحوثيين ضد العاملين الأمميين وإصدار القاعدة للفيديو التحريضي، يعكس وجود قاسم أيديولوجي مشترك بين الطرفين يقوم على استغلال مفهوم "التجسس" لتبرير القمع، وإعادة إنتاج الخوف المجتمعي كسلاح للهيمنة.
ويذهب بعض المراقبون إلى أن كلا الطرفين يسعيان عبر هذه الحملات إلى تحويل "نظرية المؤامرة" إلى أداة تعبئة جماهيرية، وإغلاق المجال العام أمام أي صوت مستقل أو مراقب خارجي، ما يجعل من "التجسس" ذريعة شاملة لتصفية الخصوم وتخويف السكان.
وأشاروا إلى أن النتيجة واحدة في الحالتين: إعدامٌ علني واعتقالٌ سري وخنقٌ لأي مساحة حرية. ففي مناطق الحوثيين، يُستخدم "التجسس" كذريعة لإرهاب العاملين في المجال الإنساني وتكميم أفواه المعارضين، وفي مناطق القاعدة يُستخدم لتبرير سفك الدماء وتعزيز السيطرة الأيديولوجية. وبين هذا وذاك، يدفع المدنيون ثمن لعبة الإرهاب والاتهامات المصطنعة.
>
