غريزة التفجير والتكفير.. حرب حوثية ضد دور العبادة ورجال الدين

الحوثي تحت المجهر - منذ 3 ساعات و 8 دقائق
صنعاء، نيوزيمن:

في بلدٍ أنهكته الحرب وتمزّقت نسيجه الروحي، لم تسلم حتى بيوت الله من بطش الميليشيا الحوثية، إذ لم تكتف الجماعة بانتهاك الحقوق المدنية والسياسية، بل مدّت يدها إلى المساجد ودور العبادة التي لطالما كانت مأوى للسلام والتقوى، محاولةً تحويلها إلى منصات تعبئة فكرية وطائفية تروّج لمشروعها السلالي منذ انقلابها عام 2015.

تؤكد شهادات حقوقية متطابقة أن الانتهاكات ضد رجال الدين ودور العبادة تجاوزت كل القيم الإنسانية والدينية، لتتحول إلى سياسة ممنهجة تستهدف تفريغ الدين من جوهره وتحويله إلى أداة بيد جماعة تسعى لفرض "حوثنة العقيدة" بقوة السلاح.

وفي أحدث تقرير لها، قالت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات إنها وثّقت 4896 اعتداء وجريمة ارتكبتها الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني ضد رجال الدين والمساجد ودور القرآن الكريم، خلال الفترة من 1 يناير 2015 وحتى 30 يونيو 2025، في مختلف المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها.

وجاء التقرير بعنوان: “غريزة الميليشيات الحوثية في تفجير المساجد ودور القرآن وقتل رجال الدين”، مشيرًا إلى أن هذه الانتهاكات تتزايد يومًا بعد يوم دون مراعاة لحرمة الدين أو قداسة أماكن العبادة. وأضافت الشبكة أن آخر تلك الجرائم تمثّلت في تفجير جامع السنة بحي سعوان في صنعاء، وتحويل مركز السلفيين في زراجة بالحداء إلى معتقلٍ للمعارضين والناشطين الدينيين.

أوضح التقرير أن الاعتداءات تنوعت بين القتل المباشر للأئمة والخطباء والمصلين، والإصابات الجسدية، وعمليات تفجير المساجد ودور القرآن الكريم، إضافة إلى الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي. 

كما رصد الفريق الميداني للشبكة 277 حالة قتل استهدفت رجال الدين وخطباء المساجد، بينها: 72 حالة قتل بإطلاق نار مباشر، 19 حالة نتيجة القصف العشوائي، 28 حالة بسبب استخدام القوة المفرطة والضرب، 19 حالة طعن بالأسلحة البيضاء، بالإضافة إلى 178 إصابة جسدية متفاوتة الخطورة.

ووثّقت الشبكة 791 انتهاكًا طال المساجد ودور العبادة، منها 103 عملية تفجير وتفخيخ، و201 حالة قصف، و52 عملية إحراق، إلى جانب 341 عملية اقتحام ونهب. 

وكشف التقرير عن تحويل 423 مسجدًا إلى ثكنات عسكرية لمقاتلي الميليشيا، حيث تُنتهك قدسية المكان عبر تناول القات والشيشة والرقص داخلها، بينما جرى تخصيص 219 مسجدًا كمراكز لغسل عقول الأطفال وتحريف وعيهم الديني، وتحويل 61 مسجدًا إلى غرف عمليات حربية لإدارة الهجمات العسكرية.

كما أغلقت الميليشيا 394 مسجدًا بالكامل، وفرضت 1291 خطيبًا وإمامًا تابعين لفكرها الطائفي، إلى جانب إغلاق 467 مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، في إطار سعيها لتغيير البنية الدينية والفكرية للمجتمع اليمني.

وأكد التقرير أن تفجير الميليشيا للمساجد يعكس البعد العقائدي والفكري لحروبها التي لا تميّز بين المدنيين ورجال الدين، مشيرًا إلى أن معظم المساجد في مناطق سيطرة الحوثيين تحوّلت إلى منابر تحشيد وتجنيد للأطفال، وفضاءات لزرع الكراهية والمذهبية.

وحذّرت الشبكة من أن هذه الجرائم تمثل تهديدًا وجوديًا للهوية الدينية والوطنية اليمنية، ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإسلامية إلى تحرك عاجل لحماية دور العبادة ووقف الحرب على القيم التي تمارسها الجماعة بغطاء ديني زائف.