عادل الهرش

عادل الهرش

تابعنى على

ورم الحوثي… من مرّان إلى خراب اليمن

منذ ساعة و 22 دقيقة

لم تكن المأساة التي يعيشها اليمن اليوم وليدة صدفة، ولا نتاج لحظة عابرة، بل نتاج مشروع حوثي ظلامي وُلد في الكهوف والبدايات المريبة. فمنذ اللحظة التي أسقط فيها الصريع حسين بدر الدين الحوثي وعصابته علمَ الجمهورية في مرّان، وداسوا عليه ورفعوا فوقه الصرخة وراية حزب الله وعلم إيران، كان واضحًا أن اليمن يدخل أخطر منعطف في تاريخه المعاصر. هناك، حين أعلن الحوثي تمرّده على الدولة وهاجم النقاط العسكرية والأمنية قبل اندلاع الحرب الأولى عام 2004، بدأت أولى صفحات الخراب التي نعيش تبعاتها اليوم.

وكلما تعمّق اليمنيون في فهم ما جرى لوطنهم خلال العقدين الأخيرين، ازداد يقينهم بأن تلك اللحظة المشؤومة لم تكن مجرد تمرد، بل كانت إعلان ظهور ورم خبيث في جسد الأمة اليمنية، اسمه المشروع الإيراني الدخيل في اليمن، والذي سعى لابتلاع البلاد وتحويلها إلى مزرعةٍ سلالية تحكم الناس بالعقيدة القهرية والخرافة، وتستمد شرعيتها من نظام خارجي، لا من الشعب ولا من الدستور ولا من قيمة وطن اسمه اليمن.

فمن الذي أسقط علم الجمهورية ومزّق البلاد؟

ومن الذي فصل الشمال عن الجنوب، وفتح أبواب الجحيم والموت والخراب، وأشعل الحروب، وبدّد مؤسسات الدولة، وسرق قوت الناس، وحوّل المدن إلى سجون مفتوحة؟

إنه العدو الحوثي، الذي لا يرى في اليمن سوى غنيمة لا وطنًا، والشعب مجرد تابع لا شريك، والسلطة ميراثًا سلاليًّا لا مسؤولية وطنية. فمنذ لحظة سطوه على الدولة في 2014، بدأ الانهيار الشامل: نُهبت المرتبات، أُذلّ الموظف، اختنقت الحياة، وتحول المواطن إلى رهينة بين الجوع والخوف، بينما تتضخم ثروات القيادات الحوثية وتتوسع قبضتها الحديدية.

ورغم هذا الخراب كله، ظل اليمنيون يحتفظون بيقين راسخ بأن ما يحدث ليس قدرًا أبديًّا. فالجمهورية التي وُلدت من دماء الأحرار أكبر وأقوى من أن تسقط أمام حثالة عصابة كهنوتية، مهما امتلكت من سلاح. فقد أدرك الناس، ونما وعيهم، أن الصراع ليس على مناصب ولا طموحات سياسية، بل هو معركة بين مشروعين لا ثالث لهما: مشروع الدولة والنظام والقانون والجمهورية، في مواجهة مشروع السلالة والكهنوت والعودة باليمن إلى عصور الظلام.

وهنا تتجلى أهمية معركة الوعي التي يقودها الفريق طارق صالح والمقاومة الوطنية، والتي تُعيد إلى الشعب ذاكرة الجمهورية وكرامته وحقه في الحكم وتقرير المصير. فالسلاح وحده لا يكفي لتحرير وطن؛ فالوعي هو الذي يصنع الإرادة، والإرادة هي التي تُسقط الطغاة مهما طال جبروتهم.

وتبقى صنعاء — قلب اليمن ورمز سيادته — بوابة الخلاص ومفتاح النهوض. فلا حياة لليمن دون تحرير العاصمة، ولا أمن ولا رواتب ولا تعليم ولا صحة ولا استقرار ما دام قرار الناس مرتهنًا في يد جماعة ترى الوطن مزرعة والناس عبيدًا. فكل الطرق تؤدي إلى حقيقة واحدة: لن يستقيم اليمن ما دامت العصابة الحوثية جاثمة على صدره.

وبرغم ما قامت به عصابة الكهنوت الحوثية، لا يزال الأمل نابضًا في صدور اليمنيين. فهذا الشعب الذي أسقط الإمامة بالأمس قادر على كسرها اليوم. والجمهورية التي شقّت طريقها وسط الموت والدمار ستعيد بناء ذاتها مهما حاول أذناب إيران طمس ملامحها. فروح الجمهورية لا تزال حيّة، تتقد كلما تعاظمت جرائم ملالي إيران، وتكبر في وجدان الأحرار كلما أوغل المشروع السلالي الحوثي في قتل وامتهان اليمنيين وطمس هوية اليمن.

وفي نهاية المطاف، تبقى الحقيقة واحدة لا تتغير: الحوثي مشروع طارئ بغيض، بينما الجمهورية قدر اليمن ومصيره. وقد حدّد اليمنيون طريقهم منذ زمن: طريق التحرير… طريق الدولة… طريق الجمهورية الخالدة.